هل تفقد الأحلام قيمتها، حين ندرك أنها تعني الأشياء التي لا نستطيع تحقيقها؟

حين كنا أطفالا كانت لنا الكثير من الأحلام، أحلامنا كانت تتغير مع تغير الفصول. لم نكن نهتم إذا كنا سنحقق هذه الأحلام، كل ما كنا يهمنا هو أننا نستطيع أن نكون أي شيء نريده، لا شيء كان يقيدنا، لا المكان و لا الزمان و لا حتى الأحلام نفسها.

لم نكن فعلا نسعى إلى تحقيقها، فعقلنا الصغير لم يكن يدرك بعد اننا نعيش الحياة في أزمنة ثلاث: حسرة الماضي، غفلة الحاضر، و إنتظارات المستقبل.

لم نكن نهتم، بل لم نكن نعيش إلا في غفلة الحاضر. أكثر ما يسعدنا هي اللحظة التي ندرك فيها أننا عثرنا على حلم جديد.

كنا نفوسا ناشئة دفعتنا حرية عقولنا إلى أن نحب في الحياة كل شيء جديد يدخل حياتنا

رغم أننا كنا أجسادا ضعيفة إلا أنه كان سهلا تخطي مخاوفنا

إلى أن نضجت عقولنا وبدأنا نفقد بعضا من أحلامنا، إلى أن أصبحت الأحلام حلما واحد.

حتى نظطر إلى التخلي عن ذالك الحلم ، فأولوياتنا تتغير كل يوم كما كانت تتغير أحلامنا إلى أن نرسى على هدف واحد حسب الظروف.

مع النضج تكبر مخاوفنا، مخاوف ليس سهلا تخطيها و أصعب ما في الأمر التحلي بشجاعة الإعتراف بتواجدها.

حين كنا أطفالا كانت مشاعرنا تظهر على وجوهنا، لم نكن نعرف كيف نخفيها و لا كيف نتجاهلها، إلى أن نكبر و ينهكنا إخفاؤنا المستمر لمشاعرنا و كأنه من الضروري أن نتغاضى عنها حتى تستمر الحياة

حين كنا أطفالا لم تكن في نظراتنا إلى براءة الطفولة، لم نكن نخاف الوقوع في الأخطاء، كنا سريعي التعلق ثم سريعي التخلي.كل شيء غريب عنا يبدو ممتعا و كل شيء تعودنا عليه يبدو مهما، لا نعلم كيف نخفي مشاعرنا فالحب في أعيننا كان واضحا و الكره بالنسبة لنا كان يعني أن يفتكَّ منا شيئا عزيز علينا

تنضج عقولنا حين نتعرف على مصطلح جديد إسمه "الواقع" حينها يحول إنتظارات المستقبل إلى عراقيل نحاول تجاوزها.

عندما نكبر تفقد الأحلام قيمتها، حين ندرك أنها تعني الأشياء التي لا نستطيع تحقيقها

تتوقف الأحلام بعد العشرينات و يظهر مصطلح جديد إسمه "الظروف".

بمرور الوقت ندرك أن الظروف هي من تصنع الإنسان، فهي قادرة أن تغير من طباعه و من أهدافه، قادرة حتى أن تقتل آثار الطفولة التي تعيش داخله، بل إنها أيضا قادرة أن تخلق وحشا مخيفا و نفسا أمارة بالسوء.

حين كنا أطفال كنا نتقن الصراخ، لا نخاف أن نتكلم، أن نسأل و أن نبحث عن إجابات تقنعنا إلى أن كبرنا و صرنا نصمت لتسير حياتنا على ما يرام، لكي لا تشتت بعض الأجوبة أفكارنا، لكي لا تشتت آمالا بنيناها فوق آلامنا.

كنا صادقين، عفويين، مفعمين بالحياة إلى أن كبرنا فتعلمنا النفاق و الكذب. تعلمنا أن نخدع و أول من تعلمنا أن نخدعه هو أنفسنا.

ألذلك نحب التحدث عن طفولتنا في كل لقاء؟ فكلما تقدمنا في السن حتى أدركنا أننا مع الطفولة تركنا حقيقتنا، براءتنا و أحلامنا.

كلما تقدمنا في السن حتى أدركنا أننا نعيش في سباق متواصل مع الزمن، نحاول أن نسرع قبل أن تثقلنا متطلبات الحياة ، متناسين أننا تركنا خلفنا تاريخا حافلا بإنجازات صغيرة كانت و قيمة لازالت.

بدأنا مع الطفولة بخطى غير ثابتة إلى أن صنعنا عمرا بأكمله، إلى أن صنعنا تاريخا يعلم بكل شيء، يعلم بأننا حتى مع النضج مازلنا أطفالا يتذكرون أحلامهم! لأن الأشياء التي إعتقدنا أنه من المستحيل تحقيقها هي التي جعلتنا نتشبث بالحياة.

السعي وراء المستحيل كان ممتعا!

لهذا مازلنا نتحدث عن طفولتنا في كل لقاء..

إجابتي: تصبح الأحلام قيمة أكثر حين ندرك أنها تعني الأشياء التي لا نستطيع تحقيقها!



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات أميمة فرحات

تدوينات ذات صلة