لا شعور يضاهي السكينة الداخلية، عندما تجلس انت ونفسك وكوبك الدافئ في مكانك المفضل وتترك عقلك يفكر بكل ما هو جميل.
اراقب قطرات المطر وهي تنساب ببطء على النافذة، اشتم رائحة القهوة الفواحة التي تملأ أرجاء المقهى، استمع لصوت فيروز وهي تغني" كيفك، قال عم بقولو صار عندك ولاد....انا والله كنت مفكرتك برات البلاد"، أفكر بكماتها هذه، هل يا ترا يبقى ولاء الحبيبين لبعضهما حتى وإن افترق بهما الطرق، ثم تكمل " انت الأساسي وبحبك بالأساس"، و هل الحب قادر على أن يجعلنا نكرس انفسنا لشخص واحد حتى وإن اكمل حياته بعيدا عنا! ، ربما هو كذلك كما وصفته فيروز أو ربما على المرء أن يعايش الشعور ليعرف الإجابة.
أحب الجلوس على هذه الطاولة فهي مجاورة للنافذة الزجاجية المطلة على المدينة، كما انها مقابلة لمدخل المقهى، فاستطيع من مكاني هذا، أن ارى تعابير الناس القادمة والمغادرة. منذ صغري لطالما أحببت مشاهدة الآخرين، أحب أن أرى نوعية الوجوه التي يصنعونها عندما يغضبون، يفرحون، أو يسعدون بمديح شخص ما، أو عندما يفكرون بشكل عميق، أحب هذا التنوع في الايماءات وكيف أن وجه الإنسان كفيل بأن يشرح ما بداخله دون أن ينطق بكلمة واحدة.
دفع رجل باب المقهى الثقيل بقوة محاولا الدخول وما زالت كتفاه مبتلتين بفعل الامطار الغزيرة خارجا، توجه مباشرة إلى آلة البيع، وقف هناك برهة منتظرا طلبه ثم اختار بعناية مكان جلوسه، بالطبع توجه للكرسي المجاور للنافذة، فالجميع يحبون مشاهدة المطر.
هناك على الزاوية المقابلة فتيات في مقتبل العمر يجتمعن حول هاتف إحداهن ربما للتقاط صورة أو لمتابعة فيديو قصير.
لكل طاولة في هذا المقهى حكاية تحمل قصة ولكل انسان جانبه منها، فلكل شخص احلامه و همومه الخاصه، لا ضير من نسيان كل ذلك بكوب دافئ من القهوة أو بقراءة كتاب أو حتى بالتقاط صورة "سلفي" للذكرى.
أخذني التفكير طويلا لدرجة أنني قد نسيت كوب الهوت شوكلت القابع أمامي، لقد اصبح الان كولد شوكلت، لكن لا بأس فما زالت الشكولاته جزأ منه.
شربت ما تبقى، وحملت كتابي ومعطفي مغادرة هذا المكان، أملا بالعودة غدا ومشاهدة حكايات أخرى من حكايا المقهى.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات