لا تحاول معرفة شخص لا يريدك أن تعرفه،لأنك ستتألم في النهاية..

تساءلت دوما ماذا يخفي هذا الرجل خلف نظراته القاسية، ماذا يخفي خلف صمته الدائم، خلف نبرة صوته الحادة و خلف حنيته التي يظهرها أحيانا، أردت أن أفهمه أكثر، أن أفهم ما لا يظهره أمامي، أردت أن أتعرف على ذلك الرجل الذي يعتقد الجميع أني أعرفه جيدا. أنا أيضا كنت أعتقد أني أعرفه جيدا، كيف لا و هو إلا جانبي طوال الوقت، لكني مع ذلك كنت أعلم أن هناك حديث في صمته لا أستطيع أن أسمعه مهما حاولت، كنت أعلم أن هذا الرجل البارد، صنع من نار، و أنه لا يريدني أن أعرف حقيقته. ربما لذلك كان دوما بعيدا عني مهما إقتربت،ربما لحمايتي مما قد أعرفه و ربما لحماية نفسه مما قد يظهره . لكني لم أكن أهتم إن كنت سأحترق بناره، كل ما أردته هو أن أعرفه، أن أسمعه و أن أتفهم قسوته. كان يجب أن أجد تبريرا لنفوره مني، بل كان يجب أن أجد أسبابا مقنعة لبقائي إلى جانبه. فأنا لم أقف أمام هذا الرجل قسرا، بل القدر هو من وضعني أمامه و منح إسما لعلاقتنا كي لا تنقطع أبدا. إن القدر خلقني من ناره و رفعني من تحت رماده، فحييت بالنظر إليه، لكني كنت أنظر إلى جسد أخرس. لقد منحت قلبي لقلب لم أره أبدا و لم أعرف عنه شيئا، لكني دست على حزن لا يمكن إخفاؤه أبدا، فأدركت أنه أحيانا العين التي لا تبكي تخفي ألاما أعظم. فتحديت نظراته، حين لم أبعد عيني عنه و تحديت قلبي حين وضعته بين يديه، و تحديت مخاوفي حين تمسكت به، رغم أني كنت أعلم أني حين سأرفع عنه القناع ستؤلمني الحقيقة التي سأعثر عليها.

لماذا لم أتخلى؟ لأني أحيانا سرقت من تحت قناع النكران نظرت يأس و سمعت من لهيب النار صوت تأوه، فعلمت أن الروح التي أمامي لم تخلق من نارـ بل إحترقت إكراها، و لأني إعتقدت أني ربما أستطيع أن أكون له شفاء. لقد امنت أني إذا مسكت يديه دون تردد و إذا إحتويت روحه بالحب و التفهم فسأجد داخله أشياء أجمل بكثير مما يعتقد هو. أردت أن أحرره، فهو لم يسجن نفسه فقط بل سجن معه كل شخص يحبه و يخاف عليه,

لكني في النهاية، ما عرفته كان أكثر قسوة من نظرات ذلك الرجل و صمته، لم أكن أستطيع أن أغيره مهما حاولت، لم يكن العناق يكفي و لا الحديث ولا حتى الصمت الذي كان سابقا حلنا الوحيد. حين إرتميت عنوة على ما دخله و حاولت أن أفهم ذلك الغموض الذي يلف بمشاعره و جدت نفسي أهوى إلى قاع مظلم. هذا الرجل كان يسحب كل شيء يمسكه إلى الظلام، و كان يعلم ذلك لكنه لم يكن يهتم. لقد كان يستمتع بالألم، ليس ألمه بل ألم الاخرين.

إذا هذا هو الرجل الذي وقفت أمامه؟ رجل يشبع قصوره بأحزان أحبته.

إذا هذا هو الرجل الذي وقفت أمامه؟ مجرد رجل مقيد بالقدر،

Oumayma Farhat

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Oumayma Farhat

تدوينات ذات صلة