المهم أني انتشلتها في النهاية وهذا كان انتصاري لها على الأقل.

كنت مجرد فتاة صغيرة بأحلام كبيرة .. حياتها مسرحها الكبير ومساحتها الخاصة..

كانت فقط تريد أن تلمع وتزدهر وتتألق بطريقتها ولأجلها.

أن تبني الحياة التي "هي" تريد وأن تحصل على كل شيء تؤمن أنها تستحقه.

أشفق على نفسي تلك التي هُوجمت يوما.

أشفق عليها لأنها قللت من شأن ذاتها وصدقت كلماتهم ونقدهم.

تبنت آراءهم في كثير من الأحيان وأسقطتها على شكلها وروحها وذاتها.

فأصبح رأيهم مصدر ثقتها وتقييمها لنفسها.

لقد شُوهت مرارا، وعانت في سراديب ظلماتها كثيرا.

لم تستحق أيا من ذاك.


أنظر لصورتي قبل خمس سنوات .. قبل سبع سنوات .. قبل عشر سنوات.

كان هناك القليل من الضياع، وهذا طبيعي،

القليل من محاولات اكتشاف الذات، أيضا طبيعي جدا.

كان هناك نضج أقل.

طبيعي.

كانت مراهقة أو في بداية شبابها، ماذا يتوقعون منها؟

أن تكون عجوزا حكيمة؟ أو إمراة ناضجة في عمر العشرين مثلا؟

أي جنون هذا الذي كانت تعيش فيه؟

أن تبدأ العمل الميداني مثلا في سن العشرين وعليك أن تكون خبيرا كشخص في عمر الخمسين!

أي جنون هذا؟ أي مجتمع مختل؟

الحكم الواعي المتوازن، أن تنظر لمدى تطور الإنسان عبر السنوات، المهم، في النهاية أنها طورت نفسها، وعملت على مهاراتها، وعلمت نفسها، في وقت وجيز، وأصبحت بخبرة مهنية وعملية أفضل بمليون مرة، هذا يعني أنها مقتالة وصاحبة عقل ممتاز ومهارات مميزة.

هكذا تُقاس الأمور في الحكم على الجميع.

حتى في المهارات الاجتماعية أو في النضج الشخصي والروحي، طبيعي نحتاج للكثير من الخبرات والمواقف السيئة والعمر حتى ننضج، نصبح أوعى، أفضل، أكثر ثقافة، وخبرة.

المهم أننا نحاول نستمر في التعلم، القراءة، نصحح إن أخطأنا، نقف من جديد إن وقعنا.

حقيقة ..

أنظر إلى ملامحها اليوم وأرى طيفها يلازمني حتى الآن بشكل أو بآخر .. وأفكر ..

لماذا حاولوا إيقافها ووضع العثرات في طريقها؟

من أجل لا سبب!

لم تكن تهدد وجود أحدهم.

ولم يكن طريقها في النمو والتطور التدريجي مؤذيا لأي أحد.

كانت تتطور وتتعلم وتحاول تشكيل نفسها درجة درجة، بنفسها. دون طلب مساعدة من أحد.

صوتها الحر كان جزءا من هويتها، محاولتها لمعرفة تفاصيل ملامحها كان حقها الكامل.


أحيانا أشعر بغضب، وحزن، لأني خذلتها، حينها لم أستطع حمايتها كما يجب أو أقول كلمة حق في نفسي كما يجب.

أشعر بغضب لأني لم أقل لهم "فلتذهبوا للجحيم" مثلا

كنت أشعر للحظات أني أضعف من أن أحمي نفسي

كانوا يتمكنوا مني.

كنت لوهلة أصدق كلماتهم التي يحاولون أن يرسموها على ملامحي وإسقاطها على روحي

أشعر بالحزن والغضب لأنها لم تستحق كل ذاك.

كأم تخاف على ابنها وتحزن إن ذمه أحد.

أنا وحدي من يحق لها أن أنتقدني يوما أو أوبخني

أنا وحدي أعلم تفاصيل رحلتي وروحي.


لكن أعود وأفكر، لقد حاولت، وهذا المهم، وبذلت أقصى جهودي لحمايتها، ضمن المعرفة التي كنت أمتلكها، ومحدودية النظرة والوعي الذي كنت أمتلكه، وفي النهاية، محاولاتي آتت بثمارها، والدليل أني انتشلتها من كلماتهم، وحزنها وسراديب عقلها المظلمة ومن واقع لم تحبذه كثيرا.

انتشلتها في النهاية مرارا. وهذا كان انتصاري لها على الأقل.

المهم أن تكون نفسي سعيدة.. المهم أنها استمرت في طريقها ولم تقف أو تستسلم يوما على أي حال.

ربا عياش

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات ربا عياش

تدوينات ذات صلة