حين أتمعن في حياتي يدهشني أن ألاخظ أن كل الأيام تبدو مختلفة رغم رتابتها. رغم أني أقوم بنفس الأشياء يوميا إلأ أن كل يوم يبدو مختلفا عن ما سبق.
رغم أن جميع الأيام تبدو متماثلة إلا أننا لا نستطيع أن نعلم ما قد يجلبه الغد لنا. رغم أن أغلبنا تقريبا يقوم بنفس الأشياء يوميا إلا أن أغلب ما نعيشه هي أحداث لم نكن نتوقها، حين كنا أطفالا ما كنا نعتقد بأننا سنكبر و نصبح منشغلين في عملنا اليومي و حين كنا مازلنا شبابا نتمتع بالسهر و المرح ما كنا نعتقد بأننا سنتزوج يوما و ننجب الأطفال و نصبح مسؤولين و حين كنا مجرد أباء لم نعتقد بأننا في يوم ما سنصبح أجدادا و سيصبح لنا أحفاد. لم نكن أبدا نعلم ما يخبؤه لنا المستقبل: من سيدخل حياتنا و من سيغادرها، من سيبقي معنا إلى الأبد و كيف سنعيش الغد. لا أحد منا كان يعلم كيف ستغيرنا الحياة أو كيف قد نغير الحياة التي اعتدنا أن نعيشها. رغم أن جميع الأيام تبدو متماثلة إلا أننا أحيانا نمر بأيام عصيبة نتمنى فيها لو يعود الزمن بنا إلى الوراء، و أحيانا نمر بأيام مليئة بالسعادة نتمنى فيها لو يتوقف الزمن. أحيانا في تلك الأشياء البسيطة التي تعودنا على القيام بها كل يوم نبني أحلاما جديدة و نصادف أشخاصا جدد يجعلوننا نحب ما مللنا القيام به يوميا، و أحيانا أخرى تضجر أرواحنا كل الأيام المتشابهة لدرجة أننا نشعر بطول الوقت و كأن الغد لن يحل بعد منتصف الليل و كأننا لن نجد في النوم راحة و إن أغمضنا أعيننا.
رغم أن جميع الأيام تبدو متشابهة إلا أننا مازلنا متشبثين بالحياة. رغم أننا نتساءل أحيانا: لما علي أن استيقظ كل يوم على الساعة الثامنة؟ لما علي أن أذهب للعمل كل يوم؟ لما علي أن أعود باكرا إلى البيت؟ ما قيمة الحياة إن كنت أفعل نفس الأشياء كل يوم؟ من أجل ماذا أعيش هذه الرتابة التي لا تغير مني شيئا؟ إلا أننا مازلنا متشبثين بالحياة كما هي. لأنه و بالرغم من أننا لا نستطيع الإجابة على كل هذه الأسئلة و بالرغم من أننا لا نعلم كل التفاصيل التي نعيش بها و من أجلها إلا أننا و بمجرد أن نخسر شيئا من بين الأشياء التي تعودنا عليها حتى ندرك ما تعنيه الحياة التي لطالما أردناها، لأن تلك التفاصيل التي قد لا تعني لنا الكثير هي نفسها الأشياء التي نعيش بها و من أجلها. كل تلك التفاصيل التي نمل تكرارها يوميا هيا أكثر ما يجعلنا نتشبث بالحياة.
في البداية نشعر و كأننا نعيش من أجل أنفسنا: حين اكبر سأجني الكثير من المال لأشتري ما أريد، حين أكبر سأسافر إلى أوروبا و أمريكا كما كنت احلم، حين اكبر سأشتري سيارتي المفضلة و سأبني بيتا من رخام كما كنت أتمنى، و بمجرد أن نحقق كل هذه الأشياء حتى ندرك بأن كل ما بنيناه لا قيمة له أمام السعادة التي لم نستطع تحقيقها، لأن الأشياء التي كانت تمنحنا السعادة في الواقع هي الأشياء البسيطة التي كنا نتشاركها مع الآخرين، قد تكون أحيانا لحظات بسيطة لكننا بمجرد أن نعيشها حتى ترسخ في ذاكرتنا كأنها أجمل ما عشنا.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات