خطاب لأولي الشأن والقوة ,خطاب لمن ما زال قلبه ينبض بالأمل والذكرى , فانه وحتى ان أردنا النسيان فصدى جدرانها يشهد ويستنكر.
" أَيا سيِّدي ومَولاي، فإنِّي واللهِ لَيحزُنُنِي أنْ تَجرؤَ أنامِلي على خطِّ هذه الكلمات، أنْ يَقوى فُؤادي على كسرِ عزَّةِ نفسي لِأقولَ ما أَخشاه، ولكنَّ نكرانَ الحقِّ مقبرتهُ واستحضارهُ أوّلُ الخَلاص.
أمَّا بعدُ يا سيّدي ،فقد عُقِد لساني و حارَ فِكري، يَأخذني جيئة وذهاباً،فأشبع يا سيِّدي فُضولي ودُلَّني، وأخبرني مَنْ نحن وفِيمَ نَكون؟
قد كانتْ لنا الأرضُ الخصبُ ، فآثرنا الذُّبولَ ،قد كانت لنا أوطانُ الرِّفعةِ ، فأضحَينا على شَفا حفرةٍ، قد كانت لنا العزة والجبروت ، فاستُضعفنا في أرضِ الطَّاغوت، قد كانَ لنا وطنُ الحُلْمِ والثَّورية ، وطنُ اللّاتَيه، وطنٌ لم يُفطمْ صَغيره على الكُره، وطنٌ لم يَعرفْ تُرابهُ معنى الكَفن ، وطنٌ يُعطي الحبَّ مِراراً ويَسألُ النّاس تِذكاراً.
وطنٌ يا مولاي، نموتُ ويَحيا ، بَل نَحيا لِيَحيا .
كيفَ يا سيّدي لِقلبِ بني البشر أنْ يحملَ الحبَّ والحقدَ في آنٍ واحد،أنْ يَأسرَ ويُؤسَر ، كيفَ لهُ أنْ يضخَّ في ثَناياه حبّاً طفولياً آسر أو بَغضاً وانتقاماً قاتل فضلاً عن دمٍ سائر .أما آنَ لنا أنْ نضعَ النِّقاطَ على الحُروف، ونعطيَ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، أنْ نُدينَ أنفُسنا ونُبرِّئَ الكونَ والأوطانَ من جَهلنا وحمَاقَتنا ؟
منحوسٌ هوَ الحظُّ ، يُدان بقلّةِ حِيلتنا وهَواننا . حليمٌ هوَ الغَضب ، باسمه تُعذر سَطوةُ جِدالاتنا وشِجارنا الأبديّ ويُلامُ هوَ. عذراءُ هي الشهوة، أزليٌ هوَ الوقت ، أمّارةٌ هيَ النَّفسُ، فلا تزرُ وازرةٌ وزرَ أُخرى .
أما آنَ أنْ نقول:قد رُفِعتِ الذَّخائرُ وجفَّتِ الدّماءُ، وتُرِكت الأزقّة تُلَملمُ جِراحها و تَنشرُ الأنْسام،أما آنَ للآذانِ أنْ يجدَ فُرصتهُ لِيصدحَ بلا صخبِ المدافعِ أو شغبِ الزَّمان ؟!!...
آملُ أنْ يكونَ قولي قد لامسَ الفُؤادَ، وأنْ تستجيبَ الجوارحُ ويشهدَ اللِّسان، ودُمتم-مولايَ- في سَلام."
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
جميل..