أيّها المارّون.... أنتم الآن رهن الصورة, فالصورة لحظة.... تتلاشى اللحظات... فاستحضروا ملامح من تحبون لتصبح الصورة خالدة...

وكأنَّه الأمس ، وكأنّ اليوم قد انتشل أحداثه من زوايا البارحة ، كالصورِ المألوفة ، تسكُنها الذّكرى ويحرّكها الألم ، تَقوى على رسمها في مُخيلتك ، تُعيدها مراراً وتكراراً ...تستوطنك.. ..

طلَقة.. تلو الطلَقة ... فالأولى تعلن الحِداد والأُخرى تسألُ المِداد ... وفي كلِّ مرّة ، يستعرضُ الكلّ شريط الماضي ، شركاءُ في الذّكرى كما الحسرة.


لم توثّق أيٌ من صورنا بآلات التّصوير ، فالدمُ مشكوراً قد فعل ، لم تتسع لها الصحف ، لم تُنصف تفاصيلها الأقاويل والإذاعات ، إِلَّا ما كان يسرده جدي مغفوراً له منصفا لكل عناصرها من البشر حتى الشجر .

لم يخلُ بيتٌ في الخليل أو يافا وحيفا وعكا من ذات الصورة ... الأزّقة ،بيت جدي ، مزرعته، الطّريق المؤدية إليها ، البئر القديمة .. لكل منهم قصته لو ينطق ، نشكر الله أنه لم يفعل والا لتفتحت جروحٌ لا تلتئم.. لكنّ أكثر ما كان يجدد المرَّ فينا هو الفرح ! أجل !! عرس أحدهم ، تهاليل زفَّته ، تخرجه من كلية الطب ، كل ذلك يجعل جدتي تقول :"" آه وينك يا حسن يما تشوف أخوك صار عريس ودكتور قد الدنيا " .

وغادر الكل مسرح الصورة ، لتبقى الذكرى دليلها الأوحد ، فحُرِّكت أذهانٌ لتعيد مشاهد وليدة اللحظة ....غزل البنات ، سكاكر ملونة ، صوف جدتي ينسج وشاحاً وذكريات ، رمان وبرتقال مجفف ، نشيد العزة والوطنية ، حلوى الانتفاضة الأبية ، عرسٌ من الضحكات الطفولية ، وظل ممدود وطلح منضود و خيل مسومة ........ وعلى الجانب الآخر ....بندقية ... وحفنةٌ من ساسة وجبابرة ... فكما الأمر دوما ... لكل عملة وجهان .. فتلك الصورة وهاكَ ما كُتِب.




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

ماشاء الله رائعة

إقرأ المزيد من تدوينات لجين إسماعيل

تدوينات ذات صلة