تَبتهِجُ الأرض إحتِفاءً وإحتِفالاً بعيدِ مِيلاَد نَجد المَجد بَعد عقودٍ مِن العُقرة بالقُرون المَاضِيَة.
تُعتَبر الأيَّام الوَطنِيَّة والأعيَاد العَامَّة والخَاصَّة مَا يَهُم فِي مُشَارَكة المُناسَبات والإحتِفَالات سَويَّاً مَع مَن يَستحِق مِمَّن يَحمِل فِي جِينَاتِه وسِمَاتِه كُلًّا مِن الحُبِّ والتَّسامُحِ والسَّلام، وذَلِك بِالطَّبع مُستوحَى مِن الأعيَاد السماويَّة ومَا تُمثِّلُه مِن تِذكَار رَحمةٍ ومَحبَّة يُشارِكُها الجَمِيع مِن الدِيانات الإبراهِيميَّة بِدون إستِثناء مِن السَّماء وفِي حَالة تَكاتُف عَلى وَجه الأرض مُقابل العَدِيد مِن الأنفُسِ الرعنَاء ومَن هُم كالهَباءِ يُخالِف ذلِك التَّعارُف بَينَ العُقول السلِيمَة والمُسالِمَة.
نَتحدُّث هُنَا عَن الأسَاس، فالمُنَاسَبة غَير مُختلِفة بَل سَاساً وأسَاساً، بِكُلِّ بَساطَة هِي كَامِلُ الكيفِ ومُلاءمَة للخلقِ مِن السَّماء، إنَّها بالمجدِ ومِن نَجد قَد إنطَلَقت، ليسَت فقَط ذِكرى وَلَا تذكِير مِيلاد، إنَّها الدَّار ومَا يَعزُّ مِن الدِيَار، فالأرض فِيهَا مِن العُروقِ البَارِزَة والكِفايَة مِن القُوَّة والعَتاد، وأمَّا السمَاء فمِنهَا شَهادة تَنطُقها الحَقِيقَة مُناصفةً لِمَعاصِم الأسيَاد، سالِمة ومُسالِمة، تَاريخُها راسِخٌ وليسَ إلَّا للبَشرِ عُمدةٌ وعِمَاد، نَعم إنَّها سيِّدة الأرضِ وكُل البِلاد، مُتأنِّقَة، مُتألِّقَة وبَريقُها يَسطَعُ عَالِياً ومُعانِقاً السمَاء، مِيلادٌ مُنذ مَاضِيها عَظِيم، وأمَّا حَاضِرُها سِلمٌ وسَلِيم، ولِمُستقبلِها مَاضِيةٌ بِمشيئَة الربِّ العَلِيم، قَداسَة ومُقدَّسةُ ومَا للنِهَاية أيُّ تِعداد، بَل إمدَادٌ وإمدَاد، فمَن تكُون نَجد المَجد؟
هَا هُنا؛ يَعجزُ القَلب عن التعبِير، فالألقَاب قَد حُجِزَت مُنذ زمَنٍ مُثير ودُون حِكراً أو تَسيِير، ولكِن؛ هِي عظِيمَة الشَّأن فِي أن تترُك لِغيرِها تِلك المَساحة بِكلّ تَخيِير، ملاءَمة عادِلة، مُتزِنَة وفِيهَا مِن الحِكمَة الإلهِيَّة مَا يَصِفُ ويُنصِف حنَانها وكيف ضُمَّت وضَمَّت عِظةً وعِبرَةً لكافَّة الأشهَاد، سيِّدة البِلاد وكُلُّ البِلاد هِي، حَضارة الأمسِ حاضِرة، وأمَام أعيُنِهَا بِأحلامِها صابِرة، ولِشُروقِ الغَد والمُستقبَلِ بالإيمَانِ هِي عابِرَة، هِمَّتُها هِمَّة، سَادتُها أُمَّة وسِيادتُها قِمَّة، الكَثِير الكَثِير، هِي علِيمَة ومُنذ الأزلِ حكِيمَة، ومِن بَركة الربِّ بإذن القَويّ سَلِيمَة، يَا لعَظمتِها وتَواضُعِها، كَم لائِقٌ بِها وبِأهلِها تِلك المَنزلة والمكانَة النسِيمةَ.
أَهِيَ العَادةُ أن نَتوقَّفُ عَن الكَلامِ بَعد السَّلام؟ بِالطبعِ لَا، فَلا يَسعُنَا إلَّا أن يُطلِقَ القَلبُ ذلِك العَنان مِن الهُيَام، عَن كُلّ شَيء، عمَّن زَرع بِداخِلنا عظِيمُ الوَفاء، للأرضِ وأهل الأرضَ رُغمَ أنفِ الجَفاء وأهلُ الإختِباء، كيفَ لاَ؟ وبِالنعِيم والنِعمَة كُل العِبرة، مَن غيرها يُغرِّد بِالفكرة مِن الفِطرَة، هُنَا وهُنَاك، أينَما ذهَبنَا وشَاهَدنا؛ بَل شَهِدنا شَهادةً بأمِّ أعيُنِنَا مِن آياتٍ وأسفَار، لِقاءٌ وإلتِقاء تَماماً كهَديّة السمَاء، مَا بَالكم عَن ذلَك الفَضل الأثِير؟ ألَا تَستَحق مِنَّا كُل التَبذِير؟ بِالحُبِّ، بِالوَفاء، بِالإخلاص وبالدِّفاع، فِي العَطفِ والشغَف، ليلاً ونَهاراً، مِن تَردّد الأذكَار حتَّى زِيَادة الأبيَاتِ مِن الأشعَار وكأنَّ لِسانُ الحَالِ يَجمعُ الأفكَار ويَقول:
كُل ما أشرَقت الشَمس وغَدا الفُرسَان
أسمَى الأمَاني طلبنَاها والقَلبْ لِك دايِم ولهَان
تِشهَد لِك البشر كَم رَويتي ظامِئ وعطشَان
يا اللِّي زرعتي فِي قلُوبِنا عِشق وحَنان
مِن راية التوحِيد وصَدى صُوت الآذان
سواعِدنا تكاتَفت وبِك يَا نَجد يخسأ كُل عُدوان
عَهدٍ علينا بالقَسم والكَف عَلى القُرآن
نفدِيك بأرواحِنا وما زِدنا مِن الإيمان أركَان
نُصونِك والشَهادة لله وحِنَّا عِيال سَلمان
كُل عَام وانت الخِير يا أعظَم الأوطَان
كُلُّ عَامٍ وأنتِ الخَير وبِكُلِّ خَير، يَا حبِيبَة السَماء وبَركةِ الأرض، يَا عروس المَجرَّات، ويَا سيِّدة كُل البِلاد بِشهادة الأرضِ والسمَاوات.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات