في الهزائم الكبرى لا تهديك الحياة نوراً فقط،بل تهديك معه نفسك المهزومة،
في أوقات الهزائم الكبرى تهديك الحياة نوراً هزيلاً خافتاً ،تراقب اهتزازه وأنت تفكر في الطريق، في الجبل الذي عليك أن تصعده لا لشيء إلا لتشرف على ما بعده، جبل ربما أنت من صنعه من كلّ تلك الحجارة التي تسقط على رأسك منذ وقتٍ طويل.
يقولون إن بإمكانك أن تحول الأحجار التي ترمى بها إلى بيت، فلماذا حولتها إلى جبل؟
تحمل النور و تخطو متراجعاً خطوة في إثر كل خطوتي تقدّم، ما الذي سيمنع الجبل من الانهيار، ما ضمانة أنّ ما وراء الجبل ليس وحشاً أسطورياً أو مستنقعاً للأوهام أو حتى حفرةً بأوتاد مدببة كتلك التي حفروها للزير سالم في الحكاية.
لست زيراً و لست سالماً ،تدرك هذا ببساطة إدراك الصغير لامتلاكه عينين و يدين،
لكن ما الذي يثبت لك أن الجبل يدرك ما تدركه!؟
لا شيء
تماماً كاللاشيء الذي يتطاير حولك في هذه اللحظة و يجعل الجو خانقاً بلا سبب.
النور يخفت كلّما تيقنت و تيقّنت منك الهزيمة.
ما الذي يثبت أنك مهزوم!؟
كل شيء
أنت بلا وطن ولا حبيبة ولا حياة لائقة حتى، مجرد قطٍ ساذج يتحسس طريقهُ بطيش نحو فقدان روح ثانية من أرواحه التسعة
.
ما الذي يثبت أنك تملك تسعة أرواح؟
شيء ما، يطنُّ في أذنك معظم الوقت.
أذنك مخبأ سريٌّ لهمسات الرفاق الذين يحاولون استعادة أرض لهم ، و لهمهمات كثيرة منذ فجر التاريخ تحاول صناعة حبّ حقيقي مغرق في الروح لا الجسد.
لا تزال ترجع خطوة مع كل خطوتي تقدم، ولا يزال النور مرتعشاً قلقاً و عابقاً برائحة نفطية تذكرك بما كان يمشي في عروق هذه البلاد منذ وقت طويل.
النفط لا يصير ماء
ما الذي يثبت أن النفط لا يصير ماء؟
أشياء كثيرة تلقي لك بها الحروف الأبجدية حين تطالبك بقصيدة تمجد فيها الأوطان و تشيطن العدو، و حتى حين تختلط الأمور عليك و ترى العدو إنساناً باحثاً عن معنى، و ترى البلاد كذبة و النفط حقاً لمن يعرف كيف يسرقه، لن تستطيع أن لا تزغرد باسم الوطن في كل محفل و مناسبة.
في الهزائم الكبرى لا تهديك الحياة نوراً فقط،بل تهديك معه نفسك المهزومة، هزيلة و شبيهةً بعلكة ملّ منها ماضغها فبصقها على الرصيف.
نور و علكة ممضوغة!
ما الذي يثبت أن نوراً و علكة ممضوغة قادران على صعود جبل؟
لا بأس دعني أتمادى قليلاً،ما الذي يثبت أصلاً أن هناك في طريقك جبل؟
أعجبني
تعليق
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات