خاطرة حول المشاعر الانسانية التي رغم رقتها فهي لغز كبير
مشاعر مسافر ......
بقلم / عُـــــــــلا خضيــــــــــر
المشاعر هذه الكيمياء التي تحدث داخلنا تجاه المواقف والأشخاص ولا نعرف ماهيتها ، إنها فعلا هبة من الخالق ميز بها الانسان دون سائر المخلوقات ،
شئ جميل وغريب يعتمل داخل نفوسنا فتظهر خارجنا مظاهر نطلق عليها الفرح .. الحزن .. الألم .. الراحة .. الغضب .. الرضا .. الحب .. الكره .. الاطمئنان .. الارتياح .. الاضطراب ..... الخ .
كثيرة هي المشاعر المخبوءة بداخلنا ولكن ما نعرفه عنها قليل جدا .
المطارات من الأماكن التي تنطلق فيها المشاعر بشكل جنوني ، تختلج في نفوسنا وتختلط فيما بين كل الجنسيات بدرجات متفاوتة ولكن تبقي المطارات تزدحم بزخم لا ينتهي من المشاعر طول الوقت وعلي مدار الساعة .
مشاعر الشوق ولهفة اللقاء أراها في لمعة وبريق العيون والابتسامات التي تعلو الشفاة والدماء التي تتدفق للوجوه ، العقول تخطط للأيام القادمة والقلوب تهفو بالذكريات والحنين سواء كان العائد عائدا لوطنه أو أهله أو حبيبه .
وعلي النقيض تري القادم للمجهول يعتصره ألم فراق الأحبة فتجده واجم سارح ما بين الماضي والآت هل كان قراري صحيحا ؟ هل يستحق الفراق والغربة ؟ هل سأعود مرة أخري أم أموت وحيدا هنا في البلاد الغريبة ؟ هل وهل وهل .. عشرات علامات الاستفهام التي لا تنتظر جوابا بالطبع فقد تم اتخاذ قرار الرحيل بارادته ولكنها تعبر وبصدق عن مشاعر التوهة والغربة .
بنظرة عابرة علي الوجوه حولي أميز مشاعر ولهفة اللقاء وألم ووجع الفراق فهنا العيون تلمع وهناك تدمع .. هنا الضحكة تضئ الوجه وهناك الشفاة تلهج بالدعاء وتستودع الحبيب في معية الله .
ولكن ما لا أجد له تفسيرا غير أنه معجزة إلهية تحدث داخلنا فهي كيف يكون نفس المكان بكل تفاصيله ونفس الأشخاص ونفس الطائرة ونفس الحقائب ونفس الاجراءات وبينهما أيام قلائل وتختلف المشاعر تماما بين المرتين ..
السطور القادمة هي تعبير صادق عن موقف حقيقي حدث لي بالفعل في أحد المطارات ومر علي في دقائق معدودة ويمر علي الكثيرين ولكنه استوقفني وجعلني أفكر فيما حدث لي مابين الموقفين ولم أجد إجابة حتي الآن ما الذي يحدث داخلنا لتتباين المشاعر بهذه الطريقة المذهلة .
هاهي فرحة الوصول .... أنتظر بشغف إنهاء الاجراءات والتي تمت فعليا في بضع دقائق مرت ثقيلة كي ألتقي الأحبة شعرت بسعادة غامرة في اللقاء - من المرات القليلة جدا في حياتي أن تغمرني السعادة – أتفحص الوجوه لحظة مررت من بوابة الخروج كي أعثر عليهم .فيطالعني وجهاهما فتقفز نحوي نفس اللهفة التي تتلقفني وتلقيني في أحضانهما ..
كم أنا سعيدة ومحظوظة بأن من عليّ الله بهذه الرحلة القصيرة في هذا الوقت بالتحديد فأنا أحتاجها بشدة .... سأترك نفسي للأيام القادمة للمزيد من السعادة دون أي تفكير أو تكدير من أي نوع .
وبالفعل كانت الرحلة رائعة وكالعادة السعادة عمرها قصير تمر الأيام سريعا ويتكرر نفس المشهد ولكن شتان .
اليوم أفارق وأودع في نفس المكان ونفس الظروف ونفس الأشخاص ولكن هيهات أحبس الدموع وأتركها تتحجر في عيوني عند فراق الأحبة أتركهم خلفي وبين عدة خطوات قليلة تفصلني عنهم فتبعدني البوابات أستدير وأنظر للخلف أبحث عنهما وألوح لهما بيدي أن مع السلامة ويتكرر نفس الشئ من بوابة إلي أخري ومن حاجز زجاجي إلي آخر ومع كل انتقال تبعد الوجوه وتطول المسافة إلي أن أصبح بين السماء والأرض .
الفراق الذي لابد منه والمشاعر المتأرجحة بين الأمل والشجن ولكنهم تركوا لي أجمل ذكريات وأحلي ضحكات من القلب وأسعد الأوقات التي اختزلت في لقطات كثيرة علي موبايلي كلما أعياني الشوق أتصفحها وأبتسم وأدعو الله أن يجمعني بهم علي خير .
اللهم أدم علينا أحبتنا ولا تحرمنا منهم وأرزقهم الخير أينما كانوا ولا تطل غيبتهم وردهم إلينا ردا جميلا وارزقنا لين القلب وصدق المشاعر .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
الله على الوصف الدقيق👌🏼👏🏼👏🏼♥️
مقال جميل و صادق يعبر عن واقع الغربة المنتشر في عالمنا العربي