لقاء على غير المتوقع؛ كان لا بد منه حتى تنتفض مشاعري الدفينة

جلست كعادتي في مكاني؛ بعد أن أنهيت دوامي في مناوبتي؛ وإذا به بكبرياء وثقة في النفس قادم نحوي بابتسامة خافثة جميلة؛وشعر قاتم السواد؛ وعطر فواح شتوي؛ يحمل في يديه فنجانين من القهوة التركية كما أعشقها تماما؛ ألقى علي التحية باحترام واستأذن بوضع الفنجان أمامي؛ وجلس قبالتي وبادر في الحديث عن نفسه؛يعرف بنفسه وبطبيعة عمله؛ وأنا لازلت في دهشتي ؛ ففي العادة أجد مكاني فارغا ولا يشاركني في وقت قهوتي أحد؛ غير سوادها ورائحتها؛وقنينة ماء.

سألته من وسط ذهولي مقاطعة كلامه؛ كيف علمت أنها قهوتي المفضلة وأني أشربها بدون سكر؟...! أجابني بعد أن ابتسم: وكيف لا أعلم هذا؛وأنا أراقبك كل يوم؛ وأعلم مكان جلوسك وكم تأخذين في وقتك المستقطع؛ ألم تستغربي كيف أن هذا المقعد دائما ما يكون فارغا من أجلك؟ ألم تستغربي من ذاك الرجل الذي استأذنك يوما بقلم أسود؛ وبعدها اختفى؟ ألم تستغربي من ذاك الرجل الذي يجلس خلف ظهرك في وقت استراحتك ولا تلحظينه؟ كيف لا أعلم أنك تعيدين تبرجك بعد كل قهوة بعد أن تتركي بصمتك على الفنجان؟ كيف لا أعلم أنك لا تتفقدين هاتفك أثناء قهوتك وكأنك تخشين أن يقاطعك عن لحظتك معها؟ كيف لا أعلم عن تلك الابتسامة بعد كل رشفة من فنجانك؟


بؤبؤ عيني اتسع من شدة الذهول؛ كيف له أن يعرف كل هذه التفاصيل عني وأنا التي كنت أظن أنني لا يشاركني في قهوتي أحد. فقلت: استأذنك بالنهوض . فأنا سعقت من كلامه ومعرفته بتفاصيلي الصغيرة. فابتسم بخفاء، وقال: حسنا لا بأس؛ لكن قبل هذا أود أن نلتقي مجددا إذا قبلت. وأنا أعلم أننا سوف نلتقي، فما دمنا نسير في درب الحياة؛فعلى درب القهوة سنلتقي مجددا، ابتسمت وغادرت المقهى وأنا في دهشة وذهول. اختلطت عني المشاعر: دهشة وصدمة؛وابتسامة وفرح من معرفته بتلك التفاصيل. فأيقنت أخيرا أننا سنلتقي مجددا


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زينب الكامل

تدوينات ذات صلة