رداء النضج الذي يعتلي وجوهنا لم يكن يوما بالمجان ؛ بل كان بأغلى ثمن

في الحياة نمر بتجارب عديدة ؛ منها الجيدة ومنها السيئة ؛ تجارب تنتشلنا من دائرة راحتنا أحياناً كثيرة وترمي بنا في الهاوية لنواجه مخاوفنا ونقاط ضعفنا. فالحياة لا تبتسم لنا دائماً ولا تمنحنا كل ما نريد في طبق من ذهب. كلما ربحت شيئا في هذه الحياة إلا ودفعت ثمنه قليلا كان أو كثيراً ؛ الإختلاف فقط يكمن في شخصنة الثمن المدفوع ؛ قد يكون أحياناً ثمنا نقدا ؛ وأحيانا أخرى درسا تتعلمه ولن تنساه أبدا مهما حييت وعشت ؛ وأحيانا كثيرة أخرى تدفع الثمن على شكل ندم وخيبة أمل تصاحبك مدى طويلا في مسيرتك ؛ خيبة تجعلك تفقد الثقة في كل شيء يدور حولك ؛ خيبة تعلم جيداً أنها لن تتكرر مرة أخرى ؛ لكنك بنفس الوقت لن تتجاوزها أبدا؛ تبقى معك حبيسة لأفكارك ومعتقداتك وفي كثير من الأحيان هي من تتحكم بك و بأفعالك المستقبلية.

في الحياة؛ لا يوجد شيء عبثا


في الحياة ؛ لا يوجد شيء عبثا ؛ كل شيء مقسم ومرتبط بذاته بطريقة أو بأخرى ؛ إذا قمت بفعل الآن ؛ فانعكاسه سيقابلك حتما لا محالة ؛ عاجلا كان أم آجلا ستلاقيه ؛ وحينها إما ستفرح لإختيارك أو ستتلقى ضربة أخرى. وهكذا تمر الأيام ؛ مع كل خطوة نخطوها نتعلم أشياء جديدة ونمر بتجارب جديدة ؛ ومع كل هذا يزداد نضجنا ووعينا بما حولنا وحتى بكل شيء بعيد عنا. كلما زاد نضجنا ووعينا في الحياة ؛ وكثر حلمنا وعلمنا ؛ انطفأت فينا رغبة النقاشات والصراعات اللامتناهية ؛ كلما زاد نضجنا قل كلامنا وعتابنا لمن حولنا ؛ بل أصبح أقرب إلى الانعدام.

إن المرء بنضجه ووعيه المكتسبين يكتسب مناعة لا متناهية من الملاسنة والمماتنة ؛ ويصبح عاشقا للعزلة والوحدة ؛ فالبنسبة له الاكتفاء بالذات هو أهم شيء ؛ وذاك السلام الداخلي الملموس في روحه له نكهة خاصة ؛ ولا شيء يضاهيه أو يعادله ؛ ذلك السلام الداخلي أنك مرتاح نفسيا؛ لا ضغينة بقلبك ولا حقد بداخلك ؛ كل ما تفكر به أن تكون سعيدا ؛ مرتاح البال ؛ خال من كل حزن وكره قد ينغس عليك العيش.


إن المرء كلما زاد نضجه ووعيه ؛ تقرب إلى التغافل والتجاهل ؛ هذا لا يعني بالضرورة أنه لا يفهم ما يحيط به ؛ لكنه يميل إلى التجاهل ؛ لأنه يبحث عن راحته الداخلية قبل الخارجية ؛ لأنه في الحياة كلما انشغلت بنفسك وبحياتك تغيرت للافضل. إن المرء الذكي هو من يطور من نفسه يوما بعد يوم ؛ دقيقة بعد دقيقة نحو الأفضل ليكون نسخة أفضل من ذاته الأولى ؛ ويوقن أن وقته أغلى من أن يضيعه في جدال أو نقاش ؛ وأن يكون مزاجه هادئا ومنسجما مع تذبذبات حياته. في الحياة لا نهنأ بعيش كريم إلا بعد صراع طويل ؛ وبهذا يكون رداء النضج الذي يعتلي وجوهنا بأغلى ثمن.


دمتم سالمين.


محبتي

❤️ ✨


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

🤍🤍🤍

إقرأ المزيد من تدوينات زينب الكامل

تدوينات ذات صلة