تمر فترات من الحياة تجعل تعود إلى نقطة الصفر؛ تعود لتبدأ المسيرة من أولها رغم كل شيء 🤎

أذكر أنني نمت بعد انكسار مفزع؛ بعد هزيمة ساحقة في معركة كنت أنا الخاسرة الوحيدة فيها ؛ومن البداية كنت أعلم نهايتي؛ ورغم ذلك أغمضت كلتا عيني واكملت في الطريق؛ طريق مسدود من بدايته. طريق كنت أجر ما أمامي وما خلفي وحتى ما بجانبي بقلبي وليس بيدي. طريق اخترت أن أسير فيه بمشاعري الدفينة. اخترت أن أجرب العيش وفقا لاحاسيسي ومشاعري وإبطال مفعول عقلي .

تنفست الصعداء؛ وبدات رحلة المشاعر ؛ ويا ليتني مابدأتها .يا ليتني أعدت حساباتي. كانت المرة الأولى في حياتي التي أقدم فيها على فعل دون التفكير فيه مئات المرات. كنت أظن أنني سأستطيع أن أصل إلى خط النهاية كما بدأته أو بأقل الأضرار إن صح القول. بدايته كانت فتاة محبة للحياة؛للغناء وللمتعة ؛. كانت الإيجابية والتفاؤل شعارها؛ كانت الطريق أمامي كبستان فسيح من الورود الملونة كل وردة تحمل في أوراقها أملا وفي نسيمها ابتسامة وفي تمايلاتها ملمسا رشيقا؛ يدعوني للتمايل معها . كنت كفراشة وحيدة ترفرف فوق الورود . لا أعلم لكم من الوقت كنت هكذا . استعدت وعيي حينما هب ريح قوي عاتد؛ هز بي إلى غير اتجاهي دون إنذار سابق ؛ ريح غير مجرى حياتي من بستان ورود إلى جبال صخور كادت تكسر جناحاي؛ أو بالأحرى كادت تطيح بي شر إطاحة.


حينها بدات أدرك أن طريق الأحاسيس والمشاعر أحيانا كثيرة لا تكون نهايتها سعيدة على حد سواء. فاخذت بنفسي إلى أسفل نقطة في الجبل وانكمشت على نفسي . لملمت نفسي بجناحاي كدرع حام لي ؛ لكن ؛ هل هذا كفيل بأن يحميني ؟ هل هذان الجناحان هما ما سيكونان سببا في النهوض مرة أخرى وإكمال طريق بدأته وحدي ؛ لطالما كنت وحيدة في طريقي ؛ وكنت أصل بر الأمان وحدي أقوى وأرفع. لكن هذه المرة ليست كسابقاتها ؛ هذه المرة دوافعي كانت لا تشبهني حتى ؛ دوافعي كانت غير واضحة لنفسها حتى تكون واضحة لفتاة مثلي؛ ورغم كل هذا نهضت من جديد وقلت لا بأس سأكمل وأرى نهاية طريقي .

نمت بعد انكسار مفزع؛ لأستيقظ في اليوم الموالي شخصا لا أعرفه.

حلقت بين الصخور؛ صخرة ترميني لأخرى؛ واحدة تجرحني والأخرى تكسرني على أمل إحباطي لكن دون جدوى . كنت مع كل ضربة أو هزة ريح عاتية أغمض عيناي وأرى طريقي بقلبي ؛ تارة أستنجد بنفسي وتارة أخرى بنفسي ؛ حتى بدأت ألمح نهاية الطريق . نور ساطع؛ ورود ملونة ؛نسيم بارد خفيف وأشعة شمس ذهبية ؛ نهاية كانت أسعد محطة في حياتي. لكن ....

لكن ؛ كان للقدر كلام آخر ؛ قبيل وصولي بقليل سقطت هاوية على الأرض جثة هامدة دون حراك؛ حكم علي بالاعدام دون حكم مسبق؛ هلاك فوق هلاك دون محكمة عادلة . أيتها محكمة عادلة وانا من سلمت السهم لقاتلي ؛ أنا من حكمت على نفسي بالموت دون رحمة مني بي. كنت أظن أنه الخلاص والأمان. أيها أمان وقد كان مجرد سراب قاتل؛ كان سحابة مظلمة ؛ قاع سحيق يجر إليه كل ما حوله؛ ثقب أسود يبتلع دون رحمة. كانت الضربة القاضية بالنسبة لي؛ السهم اخترق صدري لكنه أبطل مفعول كل أعضائي؛ لا روح صالحة للعيش؛ لا نفس لمرحلة جديدة؛ لا قلب جديد ولا عقل سليم واضح .

كنت أموت كل ثانية. أصبحت الايام تتشابه بالنسبة لي؛ ليالي أصبحت بيضاء؛ لا نوم ؛ لا راحة؛ ولا ابتسامة؛ لا يوجد سوى الفراغ. فراغ يسوده الفراغ. لم أعد أعلم بما أحس ؛ أو هل أحس من الاساس. كل ما أعرفه أنني لست بخير ولا أظن أنني ساكون بخير؛ شيء ما بداخلي انكسر. انكسر دون صوت ؛ انكسر بصمت قاتل رهيب ؛ انكسر وما كان لي الحق بان انكسر معه في تلك اللحظة. داخلي فتات محطم؛ وخارجي ضحكات وابتسامات. داخلي صمت رهيب وخارجي ضجيج . داخلي فراغ قاتم؛ لا أحاسيس به؛ حتى الألم ما عدت أشعر به ؛ كانت أحاسيسي تموت بصمت لاذع . كانت تختفي تحت جروحي ؛ لذا اضطررت لأن أقف من جديد واقطب جروحي بجرعات من المرارة والألم؛ لكي لا أعيد جرح نفسي مرة أخرى. فلم يسبق أن تشافت الجروح دون ألم.

أتذكر أنني نمت ليلتها كما لم أنم من قبل ؛ نمت بعد انكسار مفزع؛ لأستيقظ في اليوم الموالي شخصا لا أعرفه.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زينب الكامل

تدوينات ذات صلة