لوحة سقطت من علي جدار صالون مذهب في الطريق بالخطأ.

إنتبهت إلي مياه تسيل بمحاذاة خطواتي اليوم علي الطريق؛ حاملة ورقة خضراء نضرة؛ تنساب بدلال وهدوء عليها؛ هدوء بدي لي هامساً.

تعلقت عيناي بها لحظات بطيئة منصتة؛ وعلقت انا بشعور مجهول بعد ذلك. بدي الطريق بأكمله؛ ورقة خضراء نضرة تحملها المياه بِرقة الي نهايةٍ ما. وعندما بدأت أُبصر غيرها؛ إمتلئت حدقتي بمحيا ثلاثة مَليحات ؛ خطواتهن هادئة كعيونهن؛ وصبية تحمل طفل ويسبقهن أخر؛ فشحبت الألوان حولهن.

تذكرت حينها ما يعقب هطول الأمطار؛ يبدو أخضر الأشجار ساحراً ونضراً و أخاذاً؛ تلتمع المياه علي الأوراق وتتغلغل في الجذوع الخشبية؛ مخلفة وراها شعورا بأن هناك من أزال الغبار العالق في الهواء؛ فغدت الأشياء أقرب لأبصارنا.

إمتدت يد وأزالت الغبار عنهن؛ فتطلعت وكأنني أري أحمر قانٍ للمرة الأولي وأزرق زهري بعين غير عيني وأصفر كناري من أرضٍ غير تلك وأخضر نضر؛ تماماً كالورقة المُنساقة الهادئة؛ مُزينة أقمشة ملابسهن الريفية الشامية بزخارف سرمدية متداخلة ومتناوبة الألوان.

يكللن رؤسهن بأوشحة حريرية بيضاء فضفاضة؛ تتسلل منها جدائل بنية طويلة. مررن برقة بمحاذاتي؛ تحملهن خُطاهم إلى وجهةٍ ما .

إلتفتت لأري إلي أين يمضين فتذكرت ورقة خضراء نضرة تحملها المياه برقة إلي نهايةٍ ما ؛ ورأيت؛ سراب!

أدركت حينها أن المياه تسيل جارفة الورقة الخضراء بهدوء لا يوحي بمقدار الموت المتسلل لها منذ أُقتلعت من غصنها. وأن وجوه الحسناوات و ألوان ملابسهن الساحرة؛ تخفي بهدوء مقدار الخراب وكمية الرماد و سيلان الدماء في أراضيهن.

تثاقلت خطواتي وإزدادت تساؤلاتي؛ ومن ثم إلتقت عيناي بعيني قطة منزلية جميلة؛ شعرها كثيف وطويل؛ يتدرج لونه من الابيض للأسود ماراً بلون بني كجذوع الاشجار؛ تبدو كلوحة سقطت من علي جدار صالون مذهب في الطريق بالخطأ.

تأملتها بنهم كأنني أحاول الوصول لنهاية طريق الحسناوات والورقة الخضراء بالنظر إليها؛ فوجدتها تسير بهدوء أضحي مألوف؛ وحيدة وغريبة ومغتربة .


رولا نضال

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رولا نضال

تدوينات ذات صلة