نحن نرفض الأخذ بنصيحة أحدهم في بواطن عقولنا ونرفع سدا حاجزاً دون الاستجابة لها بمجرد سماعها، كيف يحدث هذا؟

كثيرا ما نرتكب حماقة مفادُها: ولكنه لا يفعل، فلينظر إلى نفسه أولا ، أتعلمون متى نرتكب هذه الحماقة ونرتكب مثل هذه التُرَّهات؟؟؟؟؟؟

حسناً سأخبركم بذلك،

مع شديد الأسف نحن نفعلها في كل مرة ينصحنا الناس بها في مسألة معينة؛ فتجدنا سرعان ما نتربع على كرسي المقارنة والقياس، نبدأ بمقارنة حاله مع نصيحته تلك، ونقيس كلَّ تصرفاته وقراراته السابقة وربما اللاحقة ونخرج ملفات ماضيه ونمحِّصها وندققها؛لنثبت لأنفسنا وله عدم جدوى نصيحته وخلوها من المنطقية، والدليل أنه هو نفسه لم يستطع القيام بما نطق به وبادر لنصحنا به.


ولكن لماذا؟؟

لمَ لا نأخذ من الخلية عسلَها وكفى؟

ألم يقولوا: خذوا الحكمة من أفواه المجانين؟

إن كانت أفواه المجانين تنطق بالحكمة أحيانا، فما بالنا نردُّها من العقلاء؟

لماذا نضع صاحب النصيحة في موضع المتهم في قفص لا حول له به ولا قوة وننهال عليه بالتُّهم، ليس لشيء إلا لكونه مبادرا بإسداء النصح لنا؟

لماذا نبدأ بتطبيق نصيحته على حياته في مخيلتنا ونقارنها بواقعه ونترك إسقاطها على حياتنا؟


مُبدي النصيحة كان قد أسداها بشكل يتواءم مع شخصك وظرفك أنت، تحدَّثَ بمثاليةٍ تَحُلُّ لك مشكلتك وتساعدك؛ ظنا منه أنك قادر على الأخذ بها، لم يكن ينصح نفسه آنذاك، هو ينصحك بشيء يخصك وقد يعلم يقينا أنه لا يستطيع هو تنفيذه ولكنه نطق به إليك علَّك تقدر على مالم يقدر، وتستفيد مما لم يستطع هو الإفادة منه، وهذا واقع بالمناسبة؛ لأنك قد تملك الجرأة أو الظرف الملائم للأخذ بنصيحته التي لطالما حاول هو العمل بها ولكن طبيعته التكوينية أو ظروفه أو علها أسباب أخرى لا يعلمها إلا الله منعته من العمل بها، ولربما لا يحتاج أن يأخذ بمثلها لاختلاف معطيات حياته عن معطياتك أنت.


باختصار، هو نصحك بما يراه مثاليا وجيدا لك، نعم لك أنت. وليس لنصيحته إياك بأوضاعه أيَّة علاقة من قريب أو بعيد. إن لَقِيَت نصيحتُه عندك استحسانا فبها ونعمت، و إلا فلا تحمل سياط المقارنة والإسقاط على حاله وتجلده به، فيكره أداء النصيحة إليك ويلجأ للصمت مع الزمن هروبا من معادلات المقارنة المؤلمة تلك.

يكفيه شرفا أن أراد بك خيراً، ويكفيك وعياً أن تعمل بما يصلح حالك وتترك عنك ما لا يوائمك.


أتحدث هنا عن أهل الإحسان والنصح الصادق فقط، تاركةً لكم مهمة انتقاء من تطلبون نصحه في حياتكم،؛ فلا تخلو حياةُ أحدنا من أمثال هؤلاء الأُمَناء.



هل يعني ذلك أن آخذ بنصيحة كلِّ أمينٍ كنتُ قد وثقتُ برأيه في حياتي ؟


بالتأكيد لا، ولكن برمج عقلك على نحو شخصي في هذا الموضع؛ أي قس النصيحة عل نفسك وقدراتك وظروفك وقناعاتك أنت، لا عليه هو،

أنت المقصود هنا وليس صاحب النصيحة، هذه العقلية تحتاج لتجرد و ونضج كافِيَيْن لتتقن فن الاستماع للنصيحة.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

رائعة👍👍👍👍👍

إقرأ المزيد من تدوينات ريم الصيرفي

تدوينات ذات صلة