باتت الكلمات والجمل على مواقع التواصل مصدرا للحكمة مع أن أغلبها يفتقر لأدنى درجات الحكمة أو العقلانية ، ومع ذلك بتنا نجدها في كل مكان .

تقول إحداهن :

  • دعوت صديقتي لشرب القهوة في مطعم ، وبعد الطلب اكتشفت خطأ في الفاتورة فراجعت المحاسب لتصحيح الخطأ ، وتم لي ذلك ،ولكنني فوجئت باستياء صديقتي مما فعلت ، فبدأت بمعاتبتي بقسوة وبأنني أحرجتها ثم اتهمتني بالبخل ثم قالت لي الجملة الشهيرة والتي عادة ما نستخدمها ( البخل ليس في المال فقط فالبخيل بخيل بمشاعره أيضا ) ثم غادرت غاضبة وقامت بحظري على جميع مواقع التواصل .

لن أناقش الحدث من حيث الصواب والخطأ فهذا موضوع نسبي ولن نصل لنتيجة فيه ، ولكن ما لفت انتباهي هو استخدام الجملة السابقة في غير سياقها ، فهل بتنا نستخدم وبدون وعي منا عبارات مواقع التواصل الاجتماعي في حياتنا وكأنها حقائق علمية لا نقض فيها ؟

إن تلك الجمل المغلفة بغلاف الفلسفة أحيانا وبغلاف الحكمة أحيانا أخرى باتت هي التي تحكم علاقاتنا ببعض ولم يسلم منها أحد ، أضف إليها كل ما قيل ونسب لمهارات التنمية البشرية والتي أصبحت ملعبا لكل من أراد لفت الانتباه أو لجمع أكبر عدد من المتابعين ليتصدر مواقع البحث ، فلا يكفينا ما أحدثه اللهاث نحو الشهرة وجمع الإعجابات والاعلانات لتحقيق شهرة زائفة لا فائدة منها ، فبتنا نصارع في كل الاتجاهات ، فالحمقى عددهم بازدياد والحماقة تدر مالا وفيرا ،

ولو قمنا بدراسة تلك العبارات والجمل لوجدنا عددا لا يحصى منها والمثير أن غالبيتها تحوي أخطاء في الصياغة وكأنها تنقض نفسها بنفسها ناهيك عن دعوتها في كثير من الأحيان للتخلي عن الأخر وعدم مساعدة أحد ، والابتعاد عن الجميع بحجة العلاقات المسمومة ، ومن طريف ما قرأت أن أحدهم رد على إحدى الجمل متسائلا :

👤 اكتشفت أن علاقتي مع نفسي علاقة سامة فماذا أفعل ؟

وللأسف فإن أجيالا كاملة باتت مقتنعة بأن الأسرة محطمة للأمال والطموح ، وأن الأقارب أعداء ، ويجب الابتعاد عن الجميع حتى تتجنب هدر المشاعر .. إلى أخره من هذه الترهات ، ونسينا بأننا مجتمعات قائمة على حب الخير والمساعدة ، ومد يد العون للجميع ، وبأننا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .

علينا أن نقف وقفة واحدة أمام هذا الهراء وإعادة توجيه البوصلة لأبنائنا نحو الخير ومد يد العون لكل محتاج ، وإيجاد الأعذار لكل مهموم أو عاجز ، فلكل منا هموم ومواجع فإن لم تعرفوها فأكرموا بعضكم بحسن الظن ، ولا تبتعد عمن يعاني بحجة أنه علاقة سامة ، فلربما أنت العلاقة السامة دون أن تدري .



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

Hafid
شكرا لك ولمرورك 🌺🌺

إقرأ المزيد من تدوينات قلمي / عبير الرمحي

تدوينات ذات صلة