الأحكام القطعية على البشر في غالب الأحيان متحيزة وفي أسوأ الأحوال جائرة..
إننا نصدر تلك الأحكام ونحن في حالة وعي وإدراك مختلف عما قد نكون عليه بعدها..وقد تنقل إلينا ونأخذها على عواهنها دون تحقق أو تمحيص..ومع ذلك قد نظل متشبثين، ولو بعد حين، بتلك الأحكام ولا نمنح أنفسنا فرصة المراجعة والتعديل..وعندما أقول "نمنح أنفسنا" فأنا أعنيها بالتحديد..لعدة أسباب منها أن الاستمرار في إصدار الأحكام وإغلاق الأبواب قد يشعرنا بالراحة اللحظية لأننا تمكنا من تصنيف فلان أوعلان في الخانة المناسبة فتتلاشى حيرتنا ويزداد اعتزازنا بقدراتنا، ولكن مع مرور الزمن يضيّق الخناق علينا ويثقل صدورنا ويوتر علاقاتنا وإن حاولنا إنكار ذلك.
الاستمرار في إصدار الأحكام وإغلاق الأبواب قد يشعرنا بالراحة اللحظية لأننا تمكنا من تصنيف فلان أوعلان في الخانة المناسبة فتتلاشى حيرتنا ويزداد اعتزازنا بقدراتنا، ولكن مع مرور الزمن يضيّق الخناق علينا ويثقل صدورنا ويوتر علاقاتنا وإن حاولنا إنكار ذلك.
فإذا كان معظم الناس في نظر مصدري الأحكام القطعية سيئوا النوايا أو غير أكفاء على سبيل المثال..فمن الذي سيبقى حولهم ليعملوا معه؟ فمع زيادة أحكامهم القطعية المستمرة..ستتعاظم شكوكهم و ينغلقوا على أنفسهم وتزداد وحدتهم أو يلجأوا إلى أساليب ملتوية لتحقيق غاياتهم وحماية ذواتهم. وربما يقل أيضًا تفويضهم لأعمالهم فتزداد أعباؤهم لضعف ثقتهم في قدرات العاملين معهم، و التخلي بالتالي عن محاولة الارتقاء بهم والصبر على تطويرهم..وقد تنقل هذه الأحكام القطعية، بقصد أو دون قصد، إلى زملائهم أو رؤسائهم الذين يثقون في أحكامهم وقدراتهم..فتتلوث الأجواء ويتقوض التعاون ويتفكك الترابط ويتباطأ الإنجاز..وتلك مأساة حقيقية.
إننا نتغير ونتطور بالاطلاع والتثقيف المتواصل والتدريب المستمر أو بالمرور بتجارب حياتية مختلفة يعززها التوقف مع النفس ومراجعة الأفكار ، فتزداد مداركنا ويتطور وعينا ونصبح في سلام مع أنفسنا ومع من حولنا، و نتيجة لذلك قد تتغير قناعاتنا وتتحسن أساليبنا في بعض ماكنا نعتقد أننا لن نتزحزح عنه قيد أنملة. والآخرون كذلك قد يتغيرون كما نتغير ويتطورون كما نتطور..أفلا يدعونا ذلك إلى إعادة النظر في أحكامنا عليهم أو على الأقل التوقف عن التساهل في إصدارها على غيرهم..فكلنا يحتاج إلى من يمنحنا فرصة أخرى.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات