عزيزتي المرأة المستقلة.. هل فكرتي يوما أن تصبحي"ولاحاجة"؟
كنت أجلس مع صديقة جميلة وراقية وسليلة عائلة مرموقة جدا، كان الحديث كالمعتاد عن كل ما يتعلق بالنساء والرجال ومشاكل العمل والجمال والموضة وتسريحات الشعر إلخ..
و خلال الحديث قالت بمنتهى الفخر إنها لم تفكر قط في الاستقلالية والعمل وتحقيق الذات وغيرها من الشعارات التي تتغنى بها أغلب النساء بل وبأنها سعيدة كونها إمرأة "بالسولوفانة" -بحسب وصفها- لم يسبق لها أن تعرضت لإهانة من صاحب عمل أو مورست عليها "النفسنة" بسبب ترقية يطمع بها زميل آخر، أو انتظرت راتبا شهريا لا يأتي، أو أصيبت بالإحباط والاكتئاب لعدم قدرتها على تحقيق حلم وظيفي صعب المنال، أو استيقظت مبكرا تجري في الشوارع كـ"المجنونة" لتلحق "دفتر الحضور"، أو اضطرتها ظروف العمل للمبيت خارج المنزل، مؤكدة أن من فعلت ذلك أضاعت عمرها وجمالها وأنوثتها في شئ لم تخلق لأجله من الأساس..
هي سعيدة جدا بأنها امرأة "dependent” ولن تتمنى يوما أن تكون “independent”، وتشكر الله دائما على نعمة الزوج الميسور الذي قدم لها نفس المستوى الذي كانت تعيش فيه في كنف العائلة، والذي يتكفل بكل شئ حتى الملابس المستوردة وعمليات التجميل، وقالت نصا: "حتى وإن عاد الزمان بي فلن أختار سوى ما اخترته من قبل" مستنكرة: "ليه هو أنا مجنونة زيكوا!"
ذكرني حديثها بقصة روتها الفنانة الجميلة الراحلة مريم فخر الدين، حيث تحدثت في لقاء نادر عن ابنتها، وقالت: " سألت ابنتي إيمان بعد الثانوية العامة ما هو طموحك؟ عاوزه تطلعي ايه؟" فقالت لها: "ولاحاجة" فسألتها مستنكرة: "ولاحاجة ازاي! كيف تكون والدتك مريم فخر الدين ووالدك محمود ذو الفقار وعمك صلاح ذو الفقار و زوجة عمك شادية وعمك الآخر عز الدين ذو الفقار و زوجته فاتن حمامة وخالك يوسف فخر الدين، انت بؤرة فنية فكيف لاتفكرين في دخول المجال الفني!"
وأكملت مريم فخر الدين حديثها قائلة: " بالمناسبة اتضح لي أن ابنتي كانت على حق، واتضح لي أيضا أن ال" ولاحاجة" شئ مهم جدا، فهي الآن أنجح وأهم مني؛ تمتلك سيارة مرسيدس فارهة لم تدفع فيها مليما، اشتراها لها زوجها، تستمتع بها وتُخرج شعرها الطويل من نافذتها ليطير في الهواء، لا تزعجها قيادة السيارة أو تكاليف إصلاحها، بينما أنا أشتري السيارة لنفسي وأتكفل بمصاريفها كاملة وحتى عندما أركبها لا أستطيع أن اخرج شعري منها ليطير في الهواء لأن يدي تكونان مشغولتين بالقيادة".
وأنهت الفنانة حديثها قائلة: "وللعلم زوجها سعيد معها للغاية لأنها دائما مبتسمة، ولها الحق في ذلك فما الذي يعكر صفو حياتها وهي "ولا حاجة".
في الواقع كنت أظن أن النساء نوعان؛ نوع اختار أن يغامر ويقتحم سوق العمل، ونوع آخر أجبرته ظروف الحياة على أن يكون من المتفرجين، لكن اتضح لي أن هناك نوع ثالث من النساء لاينظر أبدا إلى المرأة العاملة صاحبة الطموح والاستقلالية على أنها بطلة، ولا يحسدها إطلاقا على نجاحها في حربها مع الحياة، ولا يعنيه تماما أن يستمع إلى قصصها البطولية في التحدي والمساواة، والحقيقة أن هذا النوع سعيد وراض ومقتنع جدا بكونه "ولاحاجة".
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات