أخبروا الحظ بأننا هنا أحياء.. فليطرق بابنا ليلة ويشرفنا بالزيارة ولو لمرة..

قد تكتشف بعد سنوات طويلة من السعي والعمل الدؤوب لتحقيق طموحاتك أنك لم تصل إلى شئ، في الوقت الذي ترى فيه الفرص تتزاحم و تحوم حول شخص آخر لم يسع إليها ولم يفكر حتى يومًا في الاجتهاد للحصول عليها، هذا باختصار المعنى الحقيقي للحظ، فمهما بلغ سعيك ومهما حاربت لتحقيق أهدافك لن تصل إلا إذا تكلل ذلك بالحظ السعيد.

قابلنا في حياتنا الكثير من المجتهدين الذين يقفون مكتوفي الأيدي، ينظرون إلى أحلامهم التي يحققها آخرون، يتابعون في أسى وحزن، خط سير الفرصة التي يبحثون عنها وهي تذهب بمنتهى السهولة إلى شخص آخر، فيتحول الأمل إلى يأس، والحلم إلى كابوس، والصبر إلى ملل، والنجاح إلى رابع المستحيلات..

خرج علينا منذ سنوات قانون "كوني" قيل إنه تم اكتشافه حديثا وأطلقوا عليه اسم "قانون الجذب"، وكشف كراماته كتاب شهير يحمل اسم "السر" للكاتبة الاسترالية رواندا بايرن، ليتشدق به مدربو التنمية البشرية والمحفزون الذاتيون (بحسب ما أطلقوا على أنفسهم) لسنوات وسنوات، فآمن به كثير منا باعتباره طوق النجاة ومصباح علاء الدين الذي سيحقق لنا الأحلام، بينما رأى العقلاء منا أن السر الحقيقي في كلمة واحدة، هي الحظ، فمهما فعلت لن تجذب السعادة إلا إذا كنت من سعداء الحظ في هذه الدنيا، أما إن كنت من الأشقياء فلن يزيدك تتبع بنود قانون الجذب إلا خللا في أفكارك وتطلعًا إلى ما ليس لك، وهذا تقريبا ما أكده الكتاب الشهير "فن اللامبالاة" للكاتب الأمريكي مارك مانسون، والذي جاء لينسف كل ما قيل عن كرامات قانون الجذب، لدرجة أنه عنون الفصل الأول من الكتاب بكلمة "لا تحاول".

أما عن الحب والزواج.. فقد أقنعتنا الموروثات بأن الجميلات لسن من أصحاب الحظ السعيد، فهن دائما المبتليات بالرجال أصحاب العاهات الفكرية والأخلاقية والاجتماعية والمادية، في الوقت الذي تتمتع فيه غير الجميلات بالحياة المستقرة و الحبيب المثالي العاشق الولهان، الذي يأتي لها ب"لبن العصفور" إن طلبت، بل ووصل الأمر إلى الاعتقاد بأن سوء الحظ يحول دون الجمع بين زوجة جميلة وزوج وسيم على وسادة واحدة.

ولكن هل هذا كل شئ! هل معنى ذلك أن يتوقف أصحاب الحظ السئ عن السعي والمحاولة مادامت النتيجة محسومة للخصوم من أصحاب الحظ السعيد! هل يتنازلون عن الأحلام والطموحات والأهداف! الإجابة هي: كلا البتة.. هنا يأتي توفيق الله ليعطي الأمل لمن لا أمل له، فيا صاحب الحظ التعيس أبشر، فالحظ يمكن أن يأتي صدفة ليغير حياة شخص ما بدون سعي منه او اجتهاد، أي بطريقة المعجزة الإلهية التي تجعل البشر يتعجبون من قدرة الله عز وجل، أما التوفيق فهو الهدية الربانية لمن سعى واجتهد وعمل، والحقيقة أن الحظ والتوفيق كلاهما رزق، فالحظ رزق من الله، ومعجزة حقيقية، والتوفيق رحمة منه تعالى وعطاء لمن أنهكه السعي، وأرهقه الانتظار، وآلمه طول الطريق، وكما قال سيدنا علي بن أبي طالب: "الرزق نوعان رزق تطلبه ورزق يطلبك، فأما الذى يطلبك فسوف يأتيك ولو على ضعفك، وأما الذى تطلبه فلن يأتيك إلا بسعيك وهو أيضا من رزقك، فالأول فضل من الله والثاني عدل من الله".

ولهذا نجد في كثير من الأوقات الفرصة وقد وصلت بالفعل إلى أحضان من تعب من السعي والمحاربة من أجل الوصول، وأن بعض الجميلات (الأقل حظًا بحسب المعتقدات) يتمتعن بالسعادة والحب في حياتهن، بل وأحيانا تحمل الوسادة قمرين، والأمثلة كثيرة.. والسر في توفيق الله القادر على المعجزات، ومن هنا فإن عليك ياصديقي الاستمرار في السعي فلنا السعي وعليه النتيجة تنفيذا لقوله تعالى:"وأن ليس للإنسان إلا ماسعى، وأن سعيه سوف يرى، ثم يجزاه الجزاء الأوفي"، ولا تنسى الدعاء فهو مفتاح الفرج وقد وعدنا سبحانه وتعالى بالإجابة حين قال: "ادعوني استجب لكم"، ولا تنظر إلى أصحاب نعمة الحظ السعيد أولئك الذين نجحوا بالصدفة، فلديك من النعم ما يؤهلك لتتفوق عليهم يوما ما.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نشوى سويدان

تدوينات ذات صلة