لا شئ يعذب الإنسان مثل انطفاء الشغف.. فلا تستسلم لعذابك..

"الشغف" كلمة أصبحت تتردد كثيرا على مسامعنا من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل وفي حياتنا اليومية، في العمل والنادي وبين الأصدقاء، وأصبحنا نستخدم جملة "ليس عندي شغف" بديلا لجملة "أشعر بإحباط أو اكتئاب" وازدادت الدعوة للبحث عن "شغفك" وضرورة العثور عليه، فما هو الشغف؟

الشغف هو الشعور بحماس شديد أو رغبة لا تقاوم تجاه شئ أو شخص ما، وهو أيضا الدافع الذي يجعلك تتحمل الصعوبات من أجل الوصول لأهدافك، ويمكن تعريفه بأنه الأمل الذي يرافقك في رحلة مرهقة تحلم فيها بلذة ومتعة الوصول.

إذا التقيت بشخص شغوف ستعرف على الفور أنه شخص يعي هدفه، ويثق في قدرته على تحقيق ما يريد، ستنبعث منه طاقة إيجابية تنقل النشاط والحياة والسعادة إلى المحيطين به و ذلك بمجرد حديثه عن المستقبل، وحتى لو لم يتحدث ستلمح شغفه في بريق عينيه، قد تتساءل ما نفع الشغف وما هو تأثيره على حياتي؟

وأجيبك بأنه للشغف تأثير عظيم على الحياة في كل جوانبها، فهو يشكل وجودك، ويوقد إلهامك، ويفتح أمامك الأبواب لفرص عظيمة، ويدفعك بخطوات ثابتة نحو تحقيق الهدف.

ويولد الشغف بسهولة إذا كانت أحلامك تتوافق مع طبيعة دراستك أو عملك، و تصبح ولادته متعثرة إذا كانت أحلامك تسير في اتجاه مضاد لما تعيشه في الدراسة أو العمل.

و نظرا للأهمية الكبيرة التي يحظى بها الشغف، فإن فقدانه يصبح أشبه بفقدان طعم الحياة، تتساوى الأشياء، لا متعة في ممارسة أي شئ، أن تستسلم للأوضاع، ألا تسعى لتطوير أي شئ، أن تكتفي بما أنت عليه، أن تتخلى عن طموحك، وتدفن موهبتك، وتصبح أحلامك ذكرى حزينة.

يحدث هذا عندما تقع في فخ الرغبة في الاستقرار، عندما تبني بيتا في منطقة الراحة "comfort zone"، وتصبح سجين الوظيفة المملة، والراتب المضمون، فلا أنت تنافس أحدا، ولا تسابق الزمن من أجل شئ، لا خصومة، ولا عداوة ولا صداقة، علاقات فاترة لا معنى لها، وقد اختفت بعض الكلمات من قاموس حياتك مثل النجاح والإصرار والدافع والهدف وغيرها من الكلمات التي كنت ترددها من قبل، عندما لا ترى في حياتك ما هو أهم من توفير احتياجات تبقيك حيا حتى ينتهي الأجل.

باختصار انطفاء الشغف هو اعتراف بالهزيمة أمام صراعات الحياة، وكأنك ترفع الراية البيضاء في وجه الزمن، معلنا الاستسلام وعدم الرغبة في استكمال حربك للحصول على نصيبك من حظوظ الدنيا، ولا تستهن بهذا الشعور فهو قاتل، إذا سيطر عليك كسرك، وحطم معنوياتك، وهدم أحلامك، ودمر ثقتك بنفسك.

البعض يرى أن هذه الحالة مريحة ولا يسعى لتغييرها، والبعض الآخر يراها مرتبطة بمرحلة عمرية معينة، وكثيرون يربطونها بالظروف المعيشية والاقتصادية التي نعيشها، والحقيقة أن الشغف ليس له علاقة بكل ما سبق، والأمثلة كثيرة، فقد يتحول البائع المتجول إلى رجل أعمال بسبب شغفه، وقد تتحول المرأة المطلقة المرفوضة من المجتمع إلى واحدة من أشهر صناع المحتوى والداعمين للمراة بسبب الشغف، وقد ترى سيدة مسنة تحصل على أعلى درجة علمية بسبب الشغف.

إذا انطفأ شغفك يوما لا تستسلم، لا ترضى بأن تكمل حياتك بائسا خانعا خاضغا، غادر منطقة راحتك، ابحث من جديد عن معنى لحياتك، عن سبب خلقك الله من أجله، اصقل مواهبك بالدراسة والممارسة لتجعلك تنطلق صوب هدفك، ثق أن الجميع يتعرضون للخيبة والخذلان، فلا نجاح بدون فشل، كن مصدر إلهام لمن حولك، كن نموذجا للنجاح والإصرار، انصح من تحبهم بالبحث عن شغفهم، ولكن قبل ذلك اعثر انت على شغفك، فإن فاقد الشئ لا يعطيه.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نشوى سويدان

تدوينات ذات صلة