"تيهٌ في دنياٍ بلا طريق، وحيرةٌ في جوف البحر تُغرقني."
غريق أنا، ما عدتُ ألمس الأرض. أرفع نظري إلى السماء، ويتسلل الماء إلى رئتي.
رائحة اليود هي ذكراك؛ تملأ أنفي، تحاصرني، تضمّني، تستحوذ عليّ، وكل المفردات المشابهة..
أتجاهل الغرق، مركزةً على السحاب، أحاول جاهدًا أن أطفو، ولكن؛ كل حركاتي ما هي إلا طريق مختصر للغرق!
مشتتةٌ، شعلتك فيَّ خبت، تائهة في سراديب مجهولة، ألوذ بالحائط فيشتد حالي تيهًا على تيه!
أريد أن أمسك بخيطك، أضمه إلى صدري، ولكنه؛ يؤلمني، لعله خيط صنارة، كلما شددت قبضتي، كلما تأذيت.
ينساب الدم من يدي؛ بل من قلبي.
أخطو خطوة وأعود ألفًا. هل أنت هنا أم أنا من لست هنا؟
مرايا عديدة تعكس صورتي، ونظرات مهولة تخترقني في غرفة ليس بها غيري. كلما دققت النظر، كلما نظرت الأنا إليَّ، بل الـ"نحن".
أنا مني كثير، وكلنا يجهل الطريق. نبحث عن بوصلة، لكنها محشورة في مجال مغناطيسي من ذكراك.
لن أصل بهذه الحال، وكلنا لن يعلم الطريق.
أغمض عيني، فيغمض الكل مني. أهمس بأن لا مجال، فينطفئ مصباح الغرفة، وأعود جارة ذيول خيبتي وحيرتي، شكي ويقيني، معرفتي وجهلي، ما هو مني والغريب عني.
أخرج من الغرفة عائدةً إلى المتاهة، فأنتهي إلى بدايتي حيث البحر اللجي، الذي لا يُدَرك قعره حتى أدركه بنفَسٍ منعدم.
ثم أطفو إلى برٍ لم أره ولم يرني، ونهاية أجهلها.
الآن، أنا جثة مسجاة ملفوفة بالملح، على تراب كنت منه وعدت إليه أخيرًا بعد تيه.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
أكثر من رائعة