رعى اللَه أيام الطفولة إنهاعلى جهلها أحلى وأهنأ ماليا ،ليالي أظن الكون إرثي وأنني أعير النجوم الزهر نور بهائيا -إبراهيم المازني

دفتر التأمين الصحي

مرحبا دفتري وكيف حال غلافك الزهري..

بك دونت أمي أول مصل أخذته وطولي ووزني حين أقبلت لتلك الدنيا.

ويحي..

كم كنت صغيرة!

أقرأ الآن الرقم وأضحك.. أبشركَ أضحيتُ أطول أخواتي الفتيات.


سريعا اُستُبدلَ بآخر يحمل أول صورة لي..

صورة دخول المدرسة وأنا بالسادسة من عمري, كنت في أسمن مراحل حياتي))

جميلة بعيون واسعة وضفيرتين أو تحديدا نبتتين على رأسي..

كُنت أرتدي فستانا ورديا ولتلك الصورة أطرف حكاية في حياتي إلى الآن.

عمومًا:

مكث هذا الدفتر طول فترة الابتدائية واستُبدل بآخر يحمل صورتي وأنا بالصف الأول الإعدادي.

مازلت جميلة ,بحجاب أبيض, وزي المدرسة الرمادي.. لن أنسى أن المصور وضع لي بعض الحُمرة وعنفتني حينها مديرة الأزهر وكيف لي أن أضع حُمرة !

طبعا محاولة إقناعها بالصدق بائت بالفشل.


بتلك الفترة أصبت بالروماتيزم ذاك المرض الذي بسببه أهلكت دفترين في مدة قصيرة..


أحببت العيادة التي بها كنت أقاصي أشد أنواع العذاب كل خمسة عشر يوما, كُنت أتسائل كيف لتلك الممرضة ذات اليد اللطيفة أن تضخ ذاك الجمر في جسدي دون رعشة؟

وكيف للناس من حولي يحيون, يسيرون ويتكلمون, بينما شُلت حركتي وسكن العالم في؟! ..

فورًا أنتقل لعالم أخر، لا أشعر فيه إلا بألآمي وأصوات أنفاسي ولم يعلوا قلبي كما كان يفعل حينها..

وكأنها تُسرب مع الدواء جلادين صغار ينقضوا على القلب يريدوه صريعا وكان الصغير يستغيث بي, لم تكن تضخ دواءً بل تضخ يدًا غليظة تدخل جسمي وتشد بقسوة كل ما بي ,تدخل من فخذي وتشد روحي لأسفل.


كنتُ في الثانية عشر وأعاني أشد أنواع الفلسفة تعقيدا في تلك العيادة الصغيرة علي يد الممرضة الجميلة.

مرت فترة واستلمت دفترا جديدًا، الحمد لله لم أستعمل الجديد لفترة ولكن فجأة دُونت فيه تشخيصات لم أكن أعرف عن وجودها شيئا..

علمت أني كبرت حين دخلت عيادة المخ والأعصاب بدفتر الجامعة الذي وضعت فيه صورة الإعدادي لعجلةٍ من أمري حينها.

وهكذا دخلت بوابة الكُبار بتشخيصات جديدة ونوع مختلف من الألآم..

ليتني حُبست بدفتر الزهري ولم أكبر..

الآن ما عُدت أحسب الوقت لميعاد جرعة البنسلين بل أصبحت الأيام تجري وتجري وأنا لا أعرف ماذا يحدث..


أبدا الحمد لله لم أصب بمرض القلق المزمن من المستقبل لإماني بجميل أقدار الله ولكن; أشعر الآن أني أريد أن أدون آخر فحص لي قبل انتهاء صلاحية آخر دفتر تأمين تعليمي لي:

هل هناك ما يسمي بمرض عدوى الناقة؟!


لأني أسير مؤخرا بحياتي خبط عشواء مثلما تفعل هي أحيانا

لا أعرف ماذا يجري الكل يجري حرفيا وأنا أقف وأدور أحيانا.

كأني بمحطة قطار ولا أبرح أعتابها.


مِن فعل ما احب لفعل ما يجب أن يُفعل.. كأني اُنتُشِلت بملقط ووضعت في حياة الكبار لا أفقه بها شيئا..

طبعا أسير وأتأقلم وأعرف الحدود والقواعد العامة وأمسى لي مبادئ خاصة أسير وفقها ,حسنا انغمست بما يلزم ولكن بداخلي أريد أن أفعل أشياء غير ما أفعل..

أخشى يا دفتري أن ينقضي عمري ولم أحيا بما أحب أن أحيا به..

أخشى أن تنقضي فترتي الجامعية وأنتقل إلى بيت أخر ملزمة به بأشياء أخرى وبقلبي طفل صغير يريد فرشاة ليرسم على الجدار..

لا أريد أن أحيا لأعمل وأنا بي شابة تريد أن تغزل وتسمع الشعر في بستان صغير.

أريد أن أقرأ كُتبا على جدول ماءٍ في الربيع.


لماذا لا أفعل الآن؟ ,لماذا لا أعرف؟..

سيدي الطبيب: هل تري عليَّ قيودا تقيدني لا أراها أنا؟

مؤكدٌ أن هناك شيء غير طبيعي يلجمني تلجيما!

اشتقت لحجر أمي وهي ترنم:

بسم الله أُرقيكِ..

دفتري يا ما به خُطت أول آلامي, أنا الحمد لله بخير, أغرق في نعم الله غرقًا..

قلبي يعرف الطريق إلى الله فكل شيء يهون لا تقلق..

نحن أهل الله لا بأسٌ علينا ولا يشقى بيننا جليس..

فقط عذبتني أهوائي ولكن الله المستعان.


هاجر عيد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

جميييل

إقرأ المزيد من تدوينات هاجر عيد

تدوينات ذات صلة