مصدر شعور الكراهية في قلبك هو حيائك ،فلا تقتلهُ حُبًا بنفسك.
يرتبط مفهوم الخجل بضعف الثقة بالنفس والخوف والرهاب .ولعل أكثر الصحابة حياءً معروفٌ بيننا هو سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فهل يُعقل أن يكون رابع الخلفاء الراشدين وقائد أمة ضعيف الشخصية بحيائه ؟!! حاشاه رضي الله عنه وأرضاه .فلا يستوي الخجل والحياء إلا بكونهما شعور ،ولكن منبع الشعور ومبتغى كل منهما مختلف .يحدده قائد السفينة حسب وجهته ومساره ،فكن قبطان الخير والصلاح على هذه الأرض لتفلح بغنائم الدنيا والآخرة .
"على هذه الأرض ما يستحق الحياة"
قد يرجح في الإنسان صيغة المنكر في فطرته الإنسانية بدافع طبع حيواني فيه ،وعندها تتأرجح كفة المرء بين الإكراه لفعل المنكر والوقوع بالخطأ وبين أن تقبض على قلبه قوة متأصله بشعور فطري تسمى (الحياء).
فالحياء قوة في النفس، والخجل مرض نفسي يولد الشعور بالخوف ،أو عدم الراحة ، أو الإحراج ،وخاصة عند تعرض الشخص الخجول لمواقف جديدة أو مقابلة أشخاص جدد ،ليتطور فيما بعد لرهاب اجتماعي ينشأ بتراكم مواقف وتداعيات منذ الطفولة تجعل محور تفكير المرء ب (الأنا) إلى حد كبير مما سيظنه الأخرون من قول ورد فعل سواء بسلبية أو الضحك عليه أو إهانته او رفضه ونقده ، مما يختار الشخص الخجول بكل بساطة تجنب المواقف الاجتماعية عادة .وإذا ما عالج نفسه فالمضاعفات وخيمة تؤدي لإكتئاب نفسي حاد وتبعياته من الإنتحار والإنطفاء ,
يشترك الحياء والخجل أنهما شعور يراود المرء في نفسه ولكن غايتهما مختلفة فالخجل تشعر به في العلاقات الإجتماعية عامة مما يمنعك من الإنجاز والتعبير عن أفكارك وتطوير نفسك
بينما الحياء يعرف في الإسلام (شعور من الخجل ييراود المرء في نفسه وأمام خالقه عند ميله وإقباله لفعل منكر وغير سوي ،ليمنعك من الوقوع بالخطأ والإيذاء.
قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم:(ولكل دين خُلق وخُلُقُ الإسلام الحياء)
أوجد الله الحياء في غريزة الإنسان وزرعها في فطرته منذ خلقه ،حيث إذا جمع المرء التعليم والتربية الخلقية في الإسلام بداخله فإنه ينعش شعور الحياء في فطرته فيغذيه وينميه بالعلم والفهم والإحساس العميق ليمتلئ فؤاده بالحياء فيضخ به من كل حدب راضيًا مستبشرًا.
يتكلل الحياء الفطري بإطار من العلم والتربية الخلقية فيولد في النفس شعور الكراهية لكل منكر من الزنى والسرقة والكذب وإيذاء الأخرين وغيرها .
وينطفئ الحياء في قلب الإنسان بالجهل بسبب كراهية النفس لهذا الفعل المنكر ومصدره في السؤال هل اتبع شهوتي وهواي أم شعور الذنب بداخلي ؟؟
فإذا زاد الجهل بمصدر شعور الكراهية للفعل القبيح وإهمال الشعور الداخلي المانع لعمل منكر ما والإصرار على العمل البغيض حينها يضعُف الحياء ويموت شعور الكراهية رويداً رويداً حتى تعتاد النفس ارتكاب المنكر بغُلبة الدافع الحيواني الغريزي والإنقياد له دون مقاومته وبذلك يشهق الحياء آخر أنفاسه ليتحجر ويضمر في قلب أعمى .وهو ما جاء في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:(إذا لم تستحي ،فاصنع ما شئت) ،فعند فقدك الحياء ،غلبك الهوى وأخذت نفسك على المنكر الذي لم يعد بنظرك منكراً.
لم تقتصر غاية التعليم الخلقي في الإسلام على رفع الجهل والتعريف بالمنكرات الظاهرة فحسب وإنما توضيح مفاسد ومكنونات النية والإرادة والأماني للنفس الأمارة بالسوء وإتباعها بصور غير مشروطة خلاف الدين حتى يحكمها العقل بكراهية مًبصرة .
قد بلغ نطاق الحياء في التعاليم الخًلقية الإسلامية مأخذه و سعَتهُ في استيعاب كل شعبة من شعب الحياة في الإصلاح والتمهيد ،بالإضافة لشموليته لجوانب التمدن والإجتماع التي تتعلق بحياة الإنسان الجنسية .
شعور كراهيتك لفعل ما ما هو إلا موجه صحيح يرشدك لطريق الخير والبر فلا تكن أصم الشعور ومرتكب الذنوب .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
شكرا لكَ
فقد سقطت سهوًا
جميل جدًا
ارخي سمعك لقلبك ***