تلاشت أحلامهم داخل جدران الخزان.. وماتت الأحلام قبلهم.. ولم يزرع أبو قيس الزيتون في فلسطين من جديد ولم يبن بيتاً ولم يعلم قيساً!
مراجعة..
رواية "رجال في الشمس"🌼
للكاتب غسان كنفاني
..
هي رواية قصيرة تحكي عن الفلسطينين الذين أرادوا عبور الصحراء التي تفصل بين العراق والكويت من أجل الهروب إلى الكويت.. الرواية ليها مغزى كبير سأختصره لكم..
مثّل الكاتب الثلاث أجيال في ثلاث شخصيات هم:
-مروان
-أسعد
-أبو قيس
لكل واحد فيهم طموح من أجله غامر بحياته لعبور الصحراء الحارقة مختبئين داخل خزانات من الحديد..
من أكثر الحكايات التي أثرت بي هي حكاية أبو قيس..
وأبو قيس كان يعيش في إحدى قرى فلسطين وكان لديه بيتا وشجر الزيتون..
وبعد الاحتلال فقد كل شيء يملكه.. بيته شجر الزيتون أمواله، وأصبح حلمه الوحيد بعد أن عرض صديق له أن يهاجر إلى الكويت هو أن يذهب ويجمع الأموال كي يعود ويبني بيتاً من جديد ويزرع الزيتون ويعلم قيساً ابنه..
وكذلك مروان الفتى الصغير الذي كان عمره ستة عشر عاماً والذي كان حلمه أن يصبح طبيباً بعد ما صار مع عائلته بسبب الاحتلال الغشيم تحول حلمه أن فقط ينجح في الوصول إلى الكويت لجمع الأموال ليغدقها على أمه وأخواته البنات ويعوضهما..
الذي حدث أن أثناء انتقالهم عبر الخزانات ومن شدة الشمس الحارقة في الصحراء اختتقوا وماتوا جميعًا داخل الخزانات.. وماتت أحلامهم معهم بكل قهر دون أن يطرق واحد فيهم فقط جدران الخزان ويقول نحن هنا نحن نموت!!
فسؤالي كان هل هو الأمل الشديد أن يصلوا إلى الكويت ما دفعهم للصمود حتى الموت! وحتى وأرواحهم تخرج وتزهق؟!
تلاشت أحلامهم داخل جدران الخزان.. وماتت الأحلام قبلهم..
ولم يزرع أبو قيس الزيتون في فلسطين من جديد ولم يبن بيتاً ولم يعلم قيساً!
الرواية مؤلمة نعم.. لكن كلمات غسان كنفاني تغني.. كلمات غسان كنفاني تغرقك فيها بكل حب...
انتهت الرواية بجملة واحدة..
"لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟؟ لماذا؟؟ لماذا؟؟"
تركت بي أثراً لا يمكن وصفه..
ولم أشعر أن السؤال موجه لأبي قيس والباقين ولا إلى الفلسطينين... بل شعرت أنه يسأل كل واحد فينا:
لماذا لا نطرق جدران الخزان؟ لماذا نظل نختنق داخل جدرانه حتى الموت..؟؟
لماذا لا نقل نحن هنا، نحن موجودين، نحن لدينا صوت؟
- لأن لو كان واحد فيهم فقط طرق جدران الخزان وقال نحن نختنق ونموت لأنقذ الباقين -
هل تعرفون لماذا لم يطرقوا جدران الخزان لأن كان عندهم أمل حتى آخر نفس حتي وأرواحهم تختنق كان لديهم ذاك الأمل الكاذب أنه سيأتي من ينقذهم ومن يفتح فوهات الخزان لهم.. بينما لم يعرفوا أن إذا لم تطرق جدران خزانك بنفسك وتفتح فوهته
لن يأتي أحد وينقذك إذا لم تنقذ نفسك.
وحتى ترفع صوتك وتعبر عن نفسك فلابد أن يكون عندك وعي أن تكون ملم بما يحدث حولك على الأقل، وأن تطرق أبواب الثقافة لحين يأتي الوقت وتكون مستعدا لطرق جدران خزانك لا الموت بداخله اختناقًا ولا السماح لأي أحد أن يغلق عليك الفوهة وحبسك فيه وكتم صوتك.. صوتك مسموع ومؤثر رغم عن الجميع..
ليست تجربتي الأولى مع غسان كنفاني دائماً ما يتعبني الألم في كلماته، ودائماً ما أعود وأقرأ له من جديد.
اغتالوا غسان كنفاني ولم يفلحوا في اغتيال كلماته.
♥️
#غسان_كنفاني
#رجال_في_الشمس
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات