حوار سلمي وإختلاف واضح بين فردين مفكرين في وجهات النظر ومستوي التجربة.

- التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر.

- فالترحمني من تلك الجمل الإنشائية التي تحفظونها وكأنها قوانين.

- إنها حكم وليست جمل إنشائية.

- وما هي الحكمة المنشودة منها ؟

- إن تعليم الصغير أيسر وأدوم من تعليم الكبير.

- التعليم عسير في الحالتين.

-ولكن في الكبر أصعب، وغدا حين تكبر ستدرك هذا وحدك.

- لن أجادلك فيما لم أختبره بنفسي لأنك لن تقتنع أبدا وأنت تراني صغيرا.

- نعم صغر السن دليل علي قلة الخبرة والتجربة والحكمة.

- أختلف معك ... قدر المعرفة وسيوله المعلومات وسهوله نقل الحكايات الحياتيه للاشخاص جعل من الخبرة والحكمة سيل متدفق يفيض علي الجميع عن عصركم ... قديما كان علي الفرد ان يقرأ مئه كتاب ليقتبس من نورهم وينهل من تجارب كتابهم، اما الأن مئه يوم من قراءه للبيانات المختلفه من شتي الاتجاهات والأشخاص علي الشبكة العنكبوتيه سيعطي أكثر من الكتب.

- تلك الشبكه حملها غث بينما الكتب أقيم والكاتب لا يكتبها الا بعد ثقافه ومعرفه وخبره كثيره قبلها ولهذا الكتب دامت رغم وفاة كتابها.

- دامت لأنها جيدة، بينما كان في عصرها ايضا كتب أخري أحتوت غثاء وزالت مع الزمن لكنها اختلطت بالكتب القيمه في مكتباتكم وبثت كلماتها وافكارها في عقلكم ثم تبينتم سوءها فتخلصتم منها فبادت .. المقصود هو انكم في الكتب قديما قابلتم الغث والثمين وفكرتم وميزتم ما يستحق البقاء، هذا ما افعله ايضا اقرا علي الشبكه هذا وذاك واميز الغث من الثمين، كأنني في مكتبه هائله الضخامه بها كل ما انتجته البشريه من فكر وادب وعلوم وتكنولوجيا وفن وترفيه وغيرهم ... ومؤكد هناك الفلسفة والسفسطه في كل مجال .. وانا اميز واقرر.

- كل إناء ينضح بما فيه.

- عدنا للجمل الانشـ .... اسف ... ماذا تقصد ؟

- اقصد ان عقلك سيتخم من الغث فلن يستوعب الثمين ؟

- اولا تقديركم لسعه العقل غير دقيق، للعقل قدرات وسعه لا محدودة، وهو ذكي، اذا قابل الغث لن يبقيه اذا لم يهتم الفرد بابقاءه ... وهذا ما يسمي بالنسيان ... ولأقرب الفكره لك، هل تذكر كل ما درسته بجامعتك، بالتأكيد لا، هناك معلومات تسقط من الذاكرة بالتقادم وعدم الأستخدام، هكذا الغث لي، بالأهمال المتعمد يسقط ويسكن الثمين مكانه في ذاكرتي.

- ولكن ليس جميع جيلك مثلك.

- لم أتحدث سوي عن نفسي.

- ولكن كل كلامك لا يعني أن التعلم في الصغر مذموم.

- لم أذمه أبدا، التعلم سبيل التقدم، ولكنني أعترضت عن تفضيل الصغر عن الكبر .... هناك من عادوا للتعليم بعد ان جاوزوا خمسينهم ويحققون نجاح به، كما اننا -نحن الصغار- نعاني من قدر المعرفه الغير مستخدمه التي تدفعونها بعنف في مناهج التعليم وتعذبوننا لنحفظها للاختبارات مع ادراككم اننا سننساها بعدها.

- ليس الامر بهذ السوء ... سيبقي بالتأكيد الأهم الذي سيلازمكم طوال عمركم كاللغات والرياضيات وغيرهم ... وتعليمكم اياه في الصغر اسهل من محاولتكم لتعلمه وحدكم في الكبر.

- غدا حين اكبر سأتأكد من حقيقه تلك المعلومه وسآتي لك لأشكرك عليها أو لنتناقش بشأنها مجددا بعد تجربتي الشخصية.

- وأنا في أنتظارك .. فقط فالتدعو لي بأن يمد الله في عمري حتي تعود.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات شروق إلهامي

تدوينات ذات صلة