رحلة تنتَهي بالوصول إلى القنَاعة التامَّة وتوقف البحث عن السَعادة الوَهمِيَّة مع التمعُّن بأسبِابها.

أحمد البطران

وضَّبت حقيبتي وودَّعت أهلي مُسرعاً، غَادرْت البيت سلَّمت على جيرَاني وكُل من يرتَاد المَسجد القريب من بيتِي لأنَّها صَدفَت تلك اللحْظة وقت الصَلاة التي قضَيتُها جَمعاً وقصراً حسب ما أجَاز لي دِيني الحَنيف.

وَصلت المطار، كالعادَة إجراءات وبروتوكولات مُعتاد عليها مع التمتمة وسؤال النفسْ عن أورَاقي الرسمَّية، حاضِرة نَعم، لتَقديمها والحصُول على بِطاقة الصُعود ثم التوجه إلى الصَالة وانتِظار موعِد الإقلاع.

عَطش وجَفاف بالحَلق ناتِج عن شُرب القَهوة على الرِيق والحِفاظ على المعدة فارِغة لأن التجارب السَابقة علَّمتني جيدًا أنْ لا أثقِل تلك المَعدة بالأكل لِمَا نتج عنهُ العَديد من الإحرَاج بسبب ضِيق تلك الحُجرة وصوتها المُزعج عندَ الانتِهاء.

صعدنا تِلك الطائرة التي يغلِب على ركَّابها الكَشرة والحَسرة مع تلك البشرَة الفاتِحة، لا أعلمْ لماذا لكِن كُنت أنا والبَعض من أصحَاب البشاشَة العربيَّة ذات البشرَة الداكنة من يُشرق المَكان رغمْ الألوان الداكِنة التي نرتديها.

هَبطت الطائرة هُناك على أرض أصحاب البشرَة الفاتِحة رغم ذلِك لمْ تنفَك تلك الكشرَة عنهم، بل العكس زدنَا نحنُ بشاشَةً وفرحاً مُقدِمين بتلك الخَطوات إلى حَاجز أمني يكرّر حُضور جواز السفر للكشف عن قانُونية القدوم دون أي مُجاملة عالِقة بالقلب كالسَابقة بل لقَطع الشك دونَ يقين خاصّة أنّني أحمِل تِلك المواصفات مُقابل ذلِك الشَخص الذي يَجلس داخِل قُمرة مربّعة ولا يَنفك عن التَحدِيق بِي واكتِشاف من أي كوكَب قدِمت مع أنّنا في الألفيّة الجَديدة.

وصلْت العنوان الجديد، بَيت صغِير يَكاد أن يَنطوي على نفِسه، كانَ معتِماً، هُناك لا أهل، لا أقاربْ، لا جِيران ولا مُرتادي الجَامع، همْ أناسٌ مختلِفُون في كلّ شيء، تغلبُهم تلك الكشرة والحَسرة مع أن ما يُحيطُهم الخُضرة والمَاء. طرقت بَاب جَاري تُوم والذي التقطُت اسمَه من عَلى لوح مَعدني صَغير معلّق على الباب وعرّفته على نفسِي بمقدّمة بَسيطة لسُؤاله عن الكَهرباء التي لا تعمَل لكِنّه وبتلك الكشرَة القويّة رفضَ الإجابة وبَقي صامتاَ حتى غادَرت المَكان.

حتّى هذه اللحظة لا أعلَم ما السّر مع أنّ ما يُذهِب الكشرَة فِعلاً قد حَضر لديهم ولا اتحدَّثُ هُنا غُروراً بل عنوةً بِمن يحمِل البَشاشة العربِيَّة المُشرقة ذات الوجْه الحَسن.


نَصّ

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نَصّ

تدوينات ذات صلة