تقدير المجتمع وتقييمه للبشر، هل يعتبر حاجة وضرورة ومقياس عادل؟
غالبا الإنسان المعاصر يستميت للحصول على تقييمه الذاتي واستحقاقه النفسي من الخارج، دائما بحاجة لقبول المجتمع وتصفيقه له حتى يشعر بعظمة نفسه، ونشوة انتصاره..
يربي المجتمع أجيالا خاضعة لأحكامه وتقييمه، ومبرمجة للنظر خارج نفسها طوال الوقت، ومن يدعي كسر هذه القيود والخروج من لعنتها قِلّة..
ومن يعمل حقيقة على نأي نفسه من هذا المستنقع غير العادل برأيي الشخصي، أيضا قِلّة.
الجميع محكوم بنظام لا يرحم، شُوهت مع الزمن مقاييس النجاح والعظمة والأهمية والاستحقاق لديه..
مجتمع يُهمه غالبا القشور أكثر من الجوهر، ويهاب من السلطة أكثر من احترامه لها، يهاب غالبا من العظماء المزيفين لاعتبارات هشة وسطحية أكثر من تمجيده لجوهر الحقيقة.ا
اليوم حتى في العصر الراهن، بات تقييم الفرد مرتبط بزر "لايك" وببعض التعليقات القادرة على رفع من شأن شخص أو تحطيمه.
لذا، على الأفراد البدء بإعادة التفكير مليا في تقييمهم الشخصي، لأن منح ذاتك تقييمها من الخارج يجعلها رهينة مزاج العامة دائما، من يرفعونك ويُسقطونك حسب أهوائهم ومصالحهم ومدى قدرتهم على المنافقة في كثير من الأحوال.
كما أن التاريخ يشهد على وقوف المجتمعات ضد كثير من المفكرين والعلماء والفلاسفة، " أي الجوهر الحقيقي للعقل والإبداع البشري" ووصل الحد في كثير من الأمثلة لقتلهم وتشويه صورتهم وسمعتهم، بسبب أفكارهم الثورية الجديدة التي كانت سببا لارتقاء المجتمعات لاحقا وكانت السبب في تحسين نوعية حياة البشرية، لذا قبول العامة للشخص ليس مقياسا عادلا، أو مصدرا حقيقيا لتقييم الفرد.
وهذا يقودنا إلى أن عزل النفس قدر الإمكان عن المجتمع وعدم إخضاعها لمقاييس الناس، سواء في شكلك أو مهنتك أو أفكارك أو طريقة حياتك، إضافة لمعرفة قدر النفس وأهمية وعظمة الروح والعقل ومدى عُمق فكر الفرد لوحده من داخل نفسه ومنح تقييمه الذاتي من ذاته يجعل الإنسان دائما في سلام نفسي أكبر، وتوازن عقلي أفضل، فأنت لا يمسسك ضرر إن صفق لك الناس أو ذموا بك .. فأنت أكثر الناس علما بحقيقتك وحقيقة علمك ومواهبك وقدراتك .. فلا شهادات قادرة على تقييمك، ولا أموال وسلطة هي من تحدد صلاحك واستقامتك وتقديرك، بل أنت الوحيد القادر على معرفة حقيقة أو زيف رحلتك بالحياة ومدى تطورك ووعيك وإدراكك، ومدى استحقاقك لأي مما تحصل عليه.
وهذا يفضي إلى سؤال حقيقي أخير، إن تم تجريدك من كل شيء، من كافة البرمجات والمقاييس التي وضعها المجتمع، سواء وظيفتك، مسيرتك المهنية، ,شكلك، أموالك، تعليمك وشهاداتك، هل ستظل تؤمن حقًا أنك لا تزال تستحق الحب والسعادة وأنك تستحق التقدير ؟ هل ستشعر بالتقدير اتجاه نفسك وبأن روحك حقا عظيمة؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات