رحلة وعي بالذات بين كتاب يكعس ظلاما ممسوسا بالوضوح و عالم حقيقي يعكس جوانبك الخفية ..
عندما تصبح القوة ضعفا، التظاهر بالمثالية و الثبات يستنزف الروح و يؤذي آخر جزء يقاوم لعله يبوح و يفصح عن جانبه المظلم.. فهل كتابك المظلم يستحق الاكتشاف ؟
الظلام عالم لا يحبه الجميع،. لكنه قابع داخل
كل نفس بشرية خفية. كتوم هو يريد منك الهروب، الصمت، و تشبث بالكلمات و الجمل المصطنعة..
في شارع مشحون بالضجيج والكلمات غادرت، داخل زوبعة الأفكار تهت.. كتلك العاطفية بكيت و كذالك العقلاني قررت. تجلس خالي الوفاض تستمع لما تبقى من كلمات داخلك أظنها ساعة حسم الأمور والوقوف أمام الحقائق.
تمسك بالكتاب الذي ترددت كثيرا قبل أن تقرر اقتناءه، لتقرأ حروفه التي تعكس نهاية روح قلت أنها امتلكتك و لن تتخلص منها يوما.. لكن ماذا سيقع الآن ؟
و أنت تقرأ بحماس واضح تلك المقدمة التي ستعلن عن بدأ رحلتك داخله إذا بها تنتهي قبل أن تصبح حكاية تحكى، لكنك تستمر بالقراءة لكي لا تظلم كتابا قد يغير نظرتك للحياة..
لم يكن اختيارا كان قرارا حتميا لا يقبل التردد، كان كل شيئ جميل يوحي بأن روحك وجدت مسكنها لتتجاهل حقيقة واضحة تحثك على أن مسكن الروح العيش بحرية؛ فهي لا تتوقف عند أي مرحلة من سفرك الطويل.
هي خيانة قارئ يقرأ بحب و يشعر بالتفاصيل كأنها ملكه. ألغيت جدران التفكير لتترك جانبا للشعور لكنك تهت بين كل تلك الدروب؛ تكسر تهدم و تقتل ما تبقى منك لتعيش بإخلاص و حب لمبادئك، لكن من يهتم !
إخلاصك وخوفك من التذكر هو أيضا تذكر لما تريد أن تتناساه، فالخوف عدوك الأكبر ذالك العدو الذي يتسلق أحلامك و يريد منك التنازل عنها، الاستماع لمخاوف الآخرين و ثرثرتهم بدافع الخوف و التحذير؛ يعيدك لنقطة البداية لتهدم ما بنيته.
سر بقوة واستمع لذالك الصوت الحكيم، كما قال باسكال مرسييه :
أحيانًا نشعر بالخوف من شيءٍ ما لأننا نخاف من شيء آخر.
لكن أصعب شيء يمكن أن تشعر به و تقرر الابتعاد عنه داخل رحلتك المنتهية مع ذالك الكتاب هو إحساسك..ذالك الإحساس الدائم بالغير.
قد تعيش فترات يصبح الشعور عذابا واضحا، لا تشعر بأحد حتى بنفسك قد تدعي التعاطف لتحاول نسج بعض مشاعر الفرح و الحزن، لكنك جامد و ثابت لا يهزك شيء كبركان راكد تنظر داخل فراغ قاتم يعتريك حب الصمت و العزلة.
تستعد لموت كل ذرة مشاعر داخلك، للولهة الأولى قد تحسب نفسك بدون قلبك أو أنه استئصل منك بعد كل تلك الصدمات و المواجهات العنيفة، تشعر بجروح فكرية تطالبك برؤيتها، بالاعتناء بها لعلك تعيد ما تبقى منك. تتجاهلها بشدة لكنها قوية بحجمك تقدس جانبك العقلاني و الروحاني معا.
بعد حريق و تفحم لكل تلك الأفكار ستعود بروح تستمتع بالتفاصيل تشتاق لمزيد من العطاء والمشاعر الدافئة، ستغريك الضحكات و تلهيك العيون البراقة و السعادة الغامرة التي تحيط بالأشخاص؛ ستحزن و تواسي الآخرين بصمت لأنك تدرك حجم مرارة الشعور، ستستعد لعناق طويل و كلمات صامتة عذبة تنمي احتياجك للحب.
نحتاج وقتا لأنفسنا لنظهر تعبنا و حزننا أمام أنفسنا؛ لا تكفي الدموع بل يجب أن تنطق الكلمات لتفرغ مما قد تكبد داخلك و تغير لونه لأسود قاتم.
لا تترك الأسود يغمر حياتك لكن تقبله لتتعود العودة لذاتك، كمغامر شجاع سلك طريقا مظلما ليرى طريق النور و يعود بحكمة تغير من نظرته للحياة و تجالس روحه لتقدس سلامها الداخلي.
كفاكهة محرمة أيضا، لا تقترب ممن هو حزن لك و لا تنجذب لمن يغير من طبعك و قيمك ليتغدى من طاقتك. روحك تحبك فكن حر الروح، إنساني الطباع، تمتلك أهدافا عظيمة.
ولأن رحلتك الحياتية مع الكتب لن تنتهي ستستمتع بالبحث و اكتشف معاني العناوين و ما بين السطور لتصبح اختياراتك ذات طابع متوازن حكيم يعرف مايريد..
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات