يُوجِّه كاتِب المَقال النَظر إلى رَد الفِعل المُرتقب عَبر الإدراك والوَعي المُكتسب مِن تجارب الحَياة شبه المُتكررة.

أحمد البطران

يَتبقَّى مِن الوَقت سَاعات قلِيلة، ثَلاثة رُبَّما أقل أو أكثر، غَداء أو عَشاء ليس الأخِير لَحظِيا لا وجُودياً، تلك التي يُطلق عَليها انفِصَام المَشاعِر، مُرعِبة، مُفزعَة ومُختلفة الطابع بكل المَقاييس، تُحدِث فَرقا ما على الرُغمِ عن الظروف بشتَّى أنواعِها، الفِراق ثقِيل حرفِياً على اللِسان فَما بَالُكم على القَلب، صَعب جِدا صَدِّقوني والأصْعب هو مُغادرة المُحيط والكيَان من الأهْل والدِيار دُون النَظر والتمعُّن في كامِل التفاصِيل أمَلاً بالعَودة لحظَةً مَا، مَن يَعلم لربَّما لم تكُن الأخِيرة وإن كانَت فتِلك الصُورة الراسِخة التِي ترحَل مَعَنا وما يتبقَّى منها مُختلِف، بدَايةً مِن المُغادرة والصُعود، ثم المَشي مُرورا بِتلك النَبضات المُتسارِعة داخِلياً والتي تحمِل في طيَّاتها الكثير مِن أسرار حياتِنا.

بَوابَّة دُخول شاسِعة تضربُها أشعَّة الشمس الدافِئة بالرغم من حرارةِ الصَيف المُرتفعة إلا أنها تَمنح التَفاؤل، سَاحات واسِعة ليسَت كالمَيادين وما يُميِّزها تِلك الكلِمات التي تَبث الطمأنِينة. رافقتكُم السَلامة؛ بالفِعل تَحتاج إلى تمعُّن، حتَّى ولو كانَت بَسيطة، فالمَعنى هُنا يستحِق التوقف والخروج عن النص، تعلِيمات بالتوجه هُناك إلى المَزيد من دِكَك الاستِقبال، شَبيهة بصَناديق الاقتِراع، الفرق شاسِع، فلا مُشترِط ولا بائِع هُنا، وتوافُد النَاس مُتسارِع ليس لإدلاء الأصوات، لحظات حسِيمة؛ نقطة التقاء نِسبية ومُحاولة التدقيق لتأكِيد الهويَّة.

تفاصِيل رحلة كالبقيَّة من تفاصِيل حياتنا، سلسِلة بشريَّة ووجهَة تتخلَّلَها بَعض الأحداث التي تَصنع فارِقاً فِي كُلِّ مَرَّة، طوابِير في كِل مَكان، بالمَطار، المَيادِين العَامَّة، في المدَارس ومَواسِم الأفَراح والأتَراح، مَليئة بِهم، لون بَشرتِهم، ثقافَتهم، هُدوئهم المُتَّسِم بالانفِلات بعد تَقييد العَاصِفة، في أي لحظَة قد يتغيَّر المَوقِف، ابتِسامة البَعض تعنِي التسَامُح المَخفي والحَنِين دون شَوق، الآخرين يُشكلون مَجمُوعة، تَحتاج اللحظة إلى تَمعُّن وحِراسَة ذكيَّة، تَردُّد وتَرصُّد هُنا وهُناك، اصطفَّ البعض مُقابل الآخر، ليسَت مُنافسة بل سِباق مَاراثوني بَطيء، خطوات تعكِس الرِيح لكنَّ واقِعها يُثبت الحَقيقة.

جِينَات مُختلفة وأجنَاس من النَاس يحمِلون تفاصِيل لا تختلِف كثيراً عن شبيهاتهم بالكَمِّ الهائِل مِن مَصادِرها، كُلٌّ حَسب لونه، انتمائه وجذوره، بَل هُناك مِصداقيَّة غَير واضِحة ووجُود نقِيض وعنصُر رفيق؛ هم ليسوا بذلِك القَدر كمَا تعتقِدون، نَظرات تَمعُّن وتقلبَات مزاجيَّة يتبع تفاصِيلها...


نَصّ

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نَصّ

تدوينات ذات صلة