قصة قصيرة عن الغوص بين الذكريات وقت فتح جديد الصفحات.

أغلقت أبواب كل الغرف، ودخلت غرفتها القديمة للمرة الأخيرة لتودع الأشياء التي قررت ألّا تذهب معها لبيتها الجديد، حتى لا تصبح مجرد أشياء تشغل المكان بلا أي استخدام بعد أن جاءت بالأحدث منها. ودعت نافذتها التي لطالما حملت أكواب مشروباتها وسهرا معاً ليتشاركا دون كلمات الأيام ولأحلام والذكريات والكد والمرح. وتلك الجدران الحنونة التي أحتضنت إنكساراتها وكتمت أناتها بداخلها فحجبتها عن الجميع حتي تتمالك نفسها لتعود لبهائها وصمودها، ودعت مقعدها الآثير الذي لم تقبل سكونه علي الرغم من الراحة التي يبثها إياها كلما حملها، فتمايلت به وكأنه هزاز ليسقط بها عدة مرات أخرهم انكسر هو وهي بسقوطهم معاً ليظل يرمقها بحزن للتجاهل الذي لحق به دون إصلاح، جاهلاً بأنها من محبتها له رفضت التخلي عنه بعدما أيقنت بسوء حالته وإستحالة إصلاحة. كما رأت في زاوية الغرفة جهاز الحاسب الآلي القديم الذي توقفت عن استخدامه منذ عدة أعوام ولكنها لم تجرؤ أبداً عن التخلي عنه لذكرياته العديدة معها في بداية التعلم كيفية الدخول للعالم الأفتراضي الذي بدء خجولاً وتحول غولاً .. ربما الأفضل أن تتركه هنا فهذا البيت سيتم إغلاقه حتى يحدث أي جديد بشأنه. منذ وفاة والديها وهي تعاني وحدها بين الذكريات، وأتعبتها شفقة الجيران وظنونهم بل وتدخلاتهم أحيانا لذا قررت الرحيل، فأشترت بيتا جديد وتخيرت من الأشياء الهام فقط وأخذته، لتودع هذا البيت بذكرياته القاسية المؤلمة، ولكنها قبل أن تخرج من غرفتها لاحظت بقعة على منضدة الحاسب الآلي، اقتربت لتتبينها فُصدمت حين أخذتها تلك البقعة لأبعد من ذكرياتها مع أهلها. تلك البقعة كانت أثر دمعتين ذرفتهما على حبيبها الذي خانها وأرسل لها صورته مع حبيبته الجديدة إليكترونياً فكان أخر ما له منها هاتين الدمعتين.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات شروق إلهامي

تدوينات ذات صلة