لماذا يقيد التلفزيون الأردني حرية اللباس و يضيق على خلق الله بهذا الشكل؟


بحكم كوني قررت اعتزال الفيسبوك لفترة ،عدت ليلة أمس إلى "تويتر" لاستطلاع آخر أخبار الكوكب.

على رأس ما يسمى بالتايم لاين في حسابي التويتري،طالعتني تغريدة لرياضية أردنية تستنكر فيها بشدة رفض التلفزيون الأردني ظهورها على شاشته ،معلّلاً السبب بأن لباسها غير لائق-ترتدي بنطال جينز ممزقاً من منطقة الركبة-.


حسناً لماذا يقيد التلفزيون الأردني حرية اللباس و يضيق على خلق الله بهذا الشكل و ما المشكلة في بنطال تمزقت ركبته عن عمد أو بلا قصد!


كنت سأفكر بهذه الطريقة لأني أحمل طبعاً متسرعاً بعض الشيء،لكن لحظة تأنٍ و إعادة قراءة للتغريدة غيرتا فكرتي خصوصاً وأن الآنسة صاحبة الخبر ربطت رفض التلفزيون لبنطالها الممزق بمقدار ما نملكه من تطور في عام 2021،ولا أعرف إن قام أي مركز أو جامعة أو شخص رائق البال بعمل دراسة توضح العلاقة بين البناطيل الممزقة و التطور.

نسيت الرياضية الأردنية فكرة بسيطة جداً و هي أن مقابلة في قناة تليفزيونية رسمية ستتطلب لباساً لن أقول رسمياً لكن مقارباً للرسمية بطريقة ما،فهي بالطبع ممنوعة من كرة السلة بفستان و لا أعرف كيف توقعت أن تحضر مقابلة بجينز ممزق الركبة يصلح لرحلة مع الأصدقاء او لقيادة الدراجة على أبعد تقدير.

طويت الخبر في مكانه و خلدت إلى النوم لأفاجىء اليوم بجهة رسمية بلّ و شديدة الرسمية حتى تنشر صورة شخصية ببنطال ممزق من عند الركبة مع إضافة تعليق تضامنيّ مع الرياضي

ة آنفة الذكر.

وضعت هذا العالم بما فيه جانباً و مضيت لأرى أحبار العالم الآخر

مقطع فيديو لشاب ثلاثيني أقدم على إشعال النيران في جسده ثم رمي نفسه عن أحد الجسور لينتهي به الأمر ميتاً،و تبينت عن طريق بعض البحث أنه شاب "معتّر" من الطبقة المسحوقة تخلصت الأمانة من بسطته و لاحقه صندوق المرأة مطالباً بقرضه،و توسلت له عيون صغاره للحصول على حقائب مدرسية.

و في حصاره ذاك رأى أن النور في آخر النفق ليس نوراً عادية إنه نار ستأكل جسده و تريحه من عذابات الفقر و القهر و قلة الحيلة.

شيءٌ واحد أستطيع أن أؤكده لكم من موقعي هذا وهو أنّه لم يكن يرتدي بنطالاً ممزقاً لا من عند الركبة ولا من أي موضع آخر، إذ أظنّه من الجماعة الذين لا يزالون يخيطون رقعاً كلّما تمزقت بناطيلهم ،فالموضة لا تزال في منطقة مجهولة لهم من الهرم ،كما هي الحياة بالمجمل.

لذلك لن ألوم أيّ جهة رسمية اليوم أو غداً على عدم تضامنهم مع حالة الانتحار المؤسفة،لكن لا أستطيع بالمقابل أن لا ألوم الشاب على عدم اقتنائه لبنطال ممزق أو أن ألوم زوجته على حرصها و إصرارها على رتق أي مزق تراه في ثيابه.

و سأعتبر من هذه الحكاية بأن أذكر كلّ من أعرفهم بأن يواكبوا التطور و يرتدوا بناطيل ممزقة أو على الأقل لا يصلحوا ما تمزق من بناطيلهم،فلا أحد يعرف خطة سير الحياة بكل الأحوال.


صفاء حميد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات صفاء حميد

تدوينات ذات صلة