منذ طفولتي بدأ أبي لعبة قاعدتها الوحيدة تقول :"ابحثي عن أخطاء المخرج"
منذ طفولتي بدأ أبي لعبة قاعدتها الوحيدة تقول :"ابحثي عن أخطاء المخرج"، وكنت حينها مولعة بالكثير مما هو قابل للإخراج، فرِحت باكتشافي لساعة في يد جندي روماني يقاتل في معركة تاريخية، أو لكوب لم يكن على المكتب في المشهد السابق، كنت أُخبر كل من أراه حولي باكتشافاتي أو بالأصح بفوزي المتكرر.
مر الوقت وكبرت وبدا أن اللعبة تغيّرت -عندما نكبر يتغيّر كل شيء فكيف للعبة أن تبقى كما هي- اكتشفت حينها أن الأفلام لم تكن سوى تمرينًا بسيطًا، تدريبًا للعقل ومساعديه على البحث بعمق والنظر للمَشاهد من مسافة أبعد، من مسافة تسمح بالوضوح، ليكتشفوا معًا وبسهولة أخطاء المخرجين في مشاهد الحياة لاحقًا -ربما تكون الحياة فيلم طويل آخر.
على أرض الواقع كلنا مخرجون، وأخطاء المخرج هنا مهما كانت بسيطة ستؤثر، فقد تُغيّر رأيك بمن حولك وقد تساهم حتى بتغيير قراراتك الشخصية، وقد تكون عظيمة فتقدر على تغيير موقفك الفكري ورأيك من العالم وقضاياه.
الأخطاء أيضًا تحتمل أن تكون مقصودة، هذه الأخطاء قد ترتقي لمرحلة الأفعال المُخطط لها وإن بدت عفويةً بامتياز، بالتالي فإن عدم تمييزها والتعامل معها ليس بالخيار المنطقي. من زاوية أخرى، ولأن لكل شيءٍ في هذه الدنيا وجه جميل مهما قبح، فخطأ مخرج مازال يعني فرصة فوز جديد، بل إن الفائز الآن يُكافَئ؛ اكتشاف الخطأ الآن يعني خلق مدخل للنور، من يكتشف الخطأ ويدرك الحقيقة يستيقظ، كمن فرقع له الطبيب بأصابعه بعد جلسة تنويم مغناطيسي في فيلم -عدتُ للأفلام مجددًا.
تخيّل معي أن تعيش عمرك كله تصدق ما تعرضه شاشة سينما دون أن تُدرك ولو لدقائق أنك تشاهد فيلمًا، مهما جُمّل ومهما أسرك، سيبقى مجرد خيال اختاره وكتبه وأخرجه غيرك، وحياتك أنت تكمن خارج هذه الشاشة بل خارج صالة العرض، كيف لعُمرك أن يكون حقيقتك ويروي حكايتك إن عشته عبر خيال غيرك؟!.
أخطاء المخرجين في الحياة هي فُرَصُك لاختيار عقلك أنت ورؤيتك أنت ورأيك أنت.
فإن تفاعلت مستقبلًا مع أمر أو قصة ما ابحث عن المخرج وأخطائه ثم قرر.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
ابدعتي ❤️