في هذا العصر، عليك أن تتأنى وتكون حذرا في التعامل مع البشر أو في المواعدة حتى بشكل خاص
كان من المفترض أن نكون كائنات اجتماعية، والحب يشكل جزءا مهما من حياتنا وتكويننا وتفاصيل حياتنا.
"الحب" اللامشروط، الحب الداعم، الحب الذي يسامح، الحب الذي لا يشوبوه كذب وضلال.
كان من المفترض أن رحلة البحث عن الحب، سهلة وقصيرة، وفي مرحلة ما ستجد إنسان تشعر بالألفة اتجاهه.
يكون بشكل غير واع .. صديقك وداعمك بشكل فعلي، حقيقي، بعيد عن مبالغات الأفلام وهشاشة كلمات الأغاني.
الحب الذي يمنحك شعور الأمان، ويجعلك تتلهف لتلقي رسالة من شخصك المفضل..
أن تقضي ساعات تنظر لتفاصيل وجهه في الصورة.
تتأمل ملامحه من بعيد .. ضحكته .. تجاعيده .. ندوبه.
أن يمتلئ يومك بأحلام اليقظة فجأة، أن تتأمل الفراغ بينما تفكر كيف ستكون حياتك معه.
كان من المفترض أن يكون الموضوع سلسا.. ورومانسيا ومليئا بالمشاحنات التي تنتهي بكلمة "أحبك"
والصراخ الذي ينتهي بعناق
كان من المفترض أن يكون الحب سهلا وإن شابه تعقيدات
كان من المفترض أن كلمة "أحبك" تعني عهدا وشرفا أبديا بألا نترك من نحبهم يوما.. مهما واجهنا من تحديات.
لطالما كنت أعتقد أن هذا هو الحب .. الحب الذي يوم عقود بالرغم من كل الهفوات التي يرتكبها الطرفين.
الحب الذي سيمر بلحظات ملل وغضب ومشاجرات لا تنتهي.. ومحاولات يائسة لفهم لغة الآخر ..
لكن يبقى .. يستمر .. يتطور .. يتأقلم .. ويفي بعهده في النهاية.
وفجأة تعود للواقع .. لتجد أن الحياة باتت أعقد من ذلك بكثير ..
ماذا حل بنا ؟؟ متى أصبحنا هكذا.. كائنات متوحدة .. ضائعة ..
كل منا يعلن حركة انفصالية فردية.. لا أحد يريد الاعتياد على أحد أو بذل أي جهد لفهم الآخر
لا أحد يريد عهدا وروابط متينة أبدية
الجميع يبحث عن الحرية التي تودي بهم للجحيم
والعزلة التي تودي بهم للمهدئات وأدوية الاكتئاب
أعتقد .. نحن اليوم كوعي بشري نمر بمرحلة أزمة منتصف العمر وأصبح كل شيء يؤثر على وعينا وثقافتنا وأفكارنا ونظرتنا لأنفسنا والآخرين وعلى أحكامنا.. حتى غيّر من شكل العلاقات فيما بيننا، وقيمنا ومبادئنا.
بتنا كائنات لا تعلم وجهتها ..
كل الروايات والأفلام والأغاني التي نصدرها مليئة بالحشو العاطفي الكاذب ولكن في الواقع كلام الليل يمحوه النهار.. النوايا معاكسة تماما للكلمات التي يتفوه بها الكثير من البشر
وفكرة البديل باتت مطروحة بشكل دائم.. وبشكل مكثف ومخيف
لم نعد نحن "حب العمر" ولم يعد الشخص منا هو "الحلم" و"القلب والمستقبل .. بات من الممكن استبدالنا في ليلة وضحاها بكل يسر ولا مبالاة.
سلاسل الارتباط بدأت تصدأ وتتفكك .. ولم يعد كافيا أن تكون إنسانا بقلب طيب ونقي لتحصل على حب
الأمر بات أعقد بكثير من ذاك..
هنالك الكثير من وهم الحب على جوانب الطرق
من السهل أن تقودك العلاقات مع البشر في هذه الايام للجنون والتوحد والتشكيك بإيمانك في الحب واللطف.
في هذا العصر، عليك أن تتأنى وتكون حذرا في التعامل مع البشر أو في المواعدة حتى بشكل خاص ..
عليك أن تتوخى الحذر وتحافظ على قلبك .. فستجد الكثير من الوعود الزائفة والكلمات المكسورة والارتباط الهش، ومن السهل أن يجعلك حب العصر الحديث ممتلئا بالبرمجات السامة اتجاه نفسك والآخرين..
حب اليوم لا يشبه حب الأمس بشيء.. اليوم الحب ضعيف هش وغير ناضج ..
من يعاهدك بالبقاء إلى جانبك للأبد،من المحتمل جدا أن يترك يدك في ليلة مظلمة بشكل مفاجئ دون اعتذار أو تبرير حتى ..
ومن تظن أنه سفينة نجاة لك، سيتبين لك أنه الشيطان الذي كان يحاول إغراقك طوال الوقت ..
ومن تظن أنه قادر على إصلاح قطع قلبك المحترقة، قد تُصدم في النهاية أنه يحاول أإصلاح العطب بداخله وفي نفسه من خلال كسرك .. فقط ..
ومن تغاضيت عن مساوئه لن يتغاضى عن أي صفات سلبية بك.
كل شيء يتغير بسرعة، حتى أني أؤمن أننا كبشر نحتاج لإعادة برمجة في مبادئنا وأفكارنا وإيمانياتنا ..
علينا أن نعود للجوهر، أن يكون هناك مسؤولية عاطفية اتجاه مشاعر الآخرين، كلماتنا التي ننتقيها، وعودنا وأفعالنا..
أن نعود ونفهم أننا خُلقنا.. ين ويانغ، ادم وحواء، لنخلق باتحاد الطاقة الذكورية وطاقة الأنوثة ..حبا أبديا..
هذا ما علينا أن نعلمه لأبنائنا.. على الروابط بين البشر أن تصبح أقوى
أن نكف عن التعامل مع الآخرين كونهم فقط احتمال مؤقت أو وسيلة أو مجرد تعبئة خانة فراغ ووحدة..
الإنسان قيّم جدا ومشاعره قيّمة جدا .. وتستحق التقدير والتعامل باحترام وحذر
ولا أعلم متى وكيف تخلينا عن جوهرنا وقيمنا .. وكيف وصل الحال بنا إلى هذا القاع.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات