الحفاظ على علاقاتنا مع الأخرين مهم جدا ، وللحفاظ على هذه العلاقات علينا التحلي بالحكمة والصبر وفهم الطرف الأخر .
يمر الإنسان بمراحل عديدة في حياته ويلتقي بأناس كثر ، منهم من يمر مرور الكرام ومنهم من يعلق في الذاكرة ، فنطلق على العديد منهم ألقابا حسب درجة القرب والمحبة فهذه صديقة العمر ، وهذا الأخ الذي لم تلده أمي وغيرها ، ثم تأتي الصدمة فبعد سنوات طوال انتهى كل شيء فما الذي حصل ؟
وللإجابة على هذا السؤال علينا أن ندرك بأن كل طرف من أطراف العلاقة هو كائن منفصل عن الأخر في التفكير وفي النظر للأمور ، ناهيكعن البيئة والشخصية والمحيط وغيرها من الأمور ، فما تراه أنت صوابا قد يكون قمة الخطأ عند الطرف الأخر ، وما تنساه أنت من مواقف قد يختزنه عقله الباطن حتى يصبح مثقلا بالأفكار السلبية اتجاهك ، هذا إذا أغفلنا السواد الذي يحيط بالبعض فيكرهون نجاحك وتفوقك، فيعتبرون بأن ما تحصل عليه في الحياة أكبر منك وأنهم هم أولى به ، وهذه قصة أخرى طبعا .
وهنا يحضرني قول الدكتور خالد غطاس حيث يقول : إذا أردت تقييم علاقتك بالمحيطين بك ، فقم بخطأ واحد وراقب ردة الفعل على هذا الخطأ ، فإذا كانت ردة الفعل مساوية للخطأ في الحجم فلا توجد مشكلة ، لكن المشكلة الحقيقية إذا كانت ردة الفعل أكبر من الخطأ ، فهنا عليك مراجعة هذه العلاقة وهل تسير بالاتجاه الصحيح أم لا .
منذ سنوات وأنا أبحث عن هذا المعنى ، ومن خلال تجارب سابقة كنت أسأل نفس السؤال : لماذا يمحو خطأ واحد سنوات من الصداقة والمحبة وكانت الإجابة في كلام الدكتور خالد غطاس ، ولكن لماذا يحدث ذلك ؟
ما يحدث حقيقة هو نوع من تراكم المواقف ، دون ايجاد حلول جذرية لها في وقتها ، فيختزن كل طرف مشاعر شتى نحو الطرف الأخر ، وفي النهاية موقف صغير قد ينهي الحكاية .
فعند حدوث الخطأ تأتي ردة الفعل ، وهنا تحدث المفاجأت ، فردة الفعل مبالغ فيها ، أكبر من الخطأ بمراحل ، فالموضوع لا يحتمل كل هذا ،الخطأ بسيط ويمكن حله بعتاب سريع وتنتهي القصة ، ولكنك ستسمع كلاما لا يصدق ، وقد يعقبها انهاء للعلاقة بطريقة جارحة ومؤذية ،وهنا عليك أن تجلس مع نفسك لمعرفة السبب الحقيقي لما حدث ، وقراءة المشهد منذ البداية وأين كان الخلل تحديدا ، حتى لا تتحامل على نفسك كثيرا ، فلا تجلدها على نتيجة لم تكن أنت السبب الحقيقي وراءها .
وبمراجعة بسيطة للماضي القريب ستجد بأن الحقيقة قد قيلت لك سابقا مرارا وتكرارا ، في الرضا قبل الغضب ، فاللسان ينطق أحيانا بمايختزنه العقل دون وعي منا ، وما قد نعتبر أنه مزاح ثقيل قد يكون هو عين الحقيقة ، أما ما تسمعه وقت الغضب فهو لب الموضوع ، ولكننا للأسف نغلق عين العقل أمام عين القلب ، فنجد أعذارا لكل هذه السقطات ولكل الكلام الجارح الذي سمعناه سابقا ، وهنا يأتي السؤال المهم لماذا ؟
أولا : علينا أن نفهم دوافع الطرف الأخر وهل ما حصل كان نتيجة تراكمات لمواقف سابقة ،ومشاكل يومية لم تحل ، اهمال وعدم اهتمام وغيرها من الأمور التي أدت إلى حدوث شرخ بدأ يتسع مع مرور المواقف .
وفي هذه الحالة يمكن اصلاح الضرر عبر المصارحة والمكاشفة وإزالة أي سوء فهم حدث ، ويمكن تفهم تعب الأخر واحتواء الموقف .
أما إذا كان السبب الحقيقي هو بغض وحقد دفين ، فالابتعاد هو الحل ، فالحاقد لن ينتهي حقده والكاره لك لن يعود ، والتخطي في هذه الحالة ليس بالأمر السهل ، ولكنه الحل الوحيد ، فسلامك الداخلي أهم وأثمن من علاقة لا أمل فيها .
ثانيا : مصارحة الذات ، وعدم التعنت والاعتراف بالتقصير إذا وجد ، ومحاولة إصلاح الخطأ ورأب الشرخ الذي حدث ، والاحتواء هو أهم مايمكن تقديمه للطرف الأخر ، والعمل بشكل مشترك على حل المشكلة ، فكثير من العلاقات كان يمكن ترميمها لو التقى الطرفان في منطقة وسط ، مع الاعتراف بالتقصير وعدم فهم دوافع الأخر ، ومحاولة احتواء الموقف ، ولا ضرر طبعا من طلب المشورة من شخص لديه الحكمة الكافية لتقديم النصح لكليهما ، ويفضل أن يكون هذا الشخص مختص بالعلاقات ولديه القدرة على التعامل مع هذه الحالات .
وفي النهاية علينا أن لا ندع موقفا واحدا ينهي سنوات من الألفة والمحبة ، فلنكره الخطأ لا المخطئ فكلنا بشر ولسنا معصومون عن الخطأ ،عاتب دون تجريح ، وتحدث بحب ، فالكلمة الطيبة صدقة .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
شكرا علياء 🌺🌺
جميل
كلام سليم محمد إبداح .. شكرا لمرورك 🌺🌺