"امنحني يا الله القدرة على رؤية الرحمة المبطنة في كل ما قسمت،وعلى اكتشاف اللطف الخفي في مكتوبك الذي حكمت، ان يبقى قلبي ممتناً شاكراً زاهداً"

ليس سهلاً أن ترتمي على وسادتك كل ليلة وأنت تحمل نفس المقدار من الرضى، وأن تستكين روحك وتطمئن كلما آويت إلى فراشك، وأن تستيقظ صباحاً وأنت مستحضر لمعاني الحب الإلهي، وتبدأ يومك بالكثير منها لتعيش فيها، ليس سهلاً -كما يظن البعض- أن تمر عيك العواصف، وتتغير الأقدار وتتبدل، وتذوب من فرط التساؤل، وفي داخلك سكونُ وثبات متصل بمعرفتك بالله !


ليس هيناً أن تسلّي نفسك بعدم إدراك كل شيء، وأن تحيط قلبك بدرع واقٍ من المهالك، وأن تبقى متوقعاً الخيبة من البشر، ومع ذلك فيك كل الأمل بربهم، وألّا يتزحزح هذا الأمل ولا ينطفئ حتى ولو تحطم كل ما بنيته، من الصعب أن تبقى .. محبا .. راضياً .. شاكراً وحامداً .. مستأنساً وصابراً .. وعالمك مليء بالوحدة، ليس معك قلبٌ يؤنس قلبك، وليس معك روحٌ تسبّح الله مع روحك .. وليس معك يدٌ تطبطب على كتفك باحتواءٍ وحب .. صعب ومجهد .. بل وتبدو مهمة مستحيلة .. !


وهناك جانب آخر، فيه وجع شديد، وهو أن تعيش حاضرك وأيامك، وعينك على الغد، الذي لا تعلم عنه شيئا، متفائلاً بشيء أفضل، فتنسى أفضل ما لديك اليوم، وأن تتلهف بشدة للواقع الذي تفتقده وتحتاجه، فيبكيك ما تحتاج، ومع ذلك تقاوم دمعاتك بلطف، وتعطف عليها، وتمنحها من حبك الكثير، حتى تساعد نفسك ولو قليلاً، أن تعيش هذه اللحظة، وفي هذا اليوم، من غير انتظار .. ليس سهلاً !


لماذا ليس سهلاً؟ لماذا ليس هيناً؟

لأنك تحتاج الى الكثير من تربية النفس، لتصل الى هذه المستويات الرفيعة من الرضى والقبول، وتحتاج أن يمر عليك الكثير والكثير، حتى تتعلم أخيراً، كيف تفكر، وكيف تطمئن، وكيف تهدأ، وكيف تؤمن -حقاً- بالله !

لأنك تحتاج أن تتصالح مع وحدتك، على الرغم من كرهك لها، ولكنها واقعك! ومن الصعب أن تقبلها، ولكن أن تحزن بسببها مع قبولها، أهون من صراعك معها ورفضها ..

لأنك تحتاج أن تعلّم نفسك كيف تنظر إلى المجهول مرحباً به، مطمئناً إليه، لأنه من الله، ولأن فيه من قدره ولطفه الخفي، ولأنه حتماً فيه رحلة جديدة، وطريق دنيوي آخره في الجنة، لذلك ستذوق فيه من اللذة والألم ما ستذوق ..


فلك أن تتخيل .. ماذا يعني أن تتجاوز كل هذا الصعب، لك أن تتخيل .. كمية التوفيق الإلهي الذي وضعه في طريقك المليء بالعقبات، وكمية الأُنس في طريقك المليء بالوحدة، وكمية الهدوء في طريقك المليء بالإزعاج، وكمية السكينة والسكون في طريقٍ أقداره تتغير بسرعة لا تدركها وقد لا تحتملها، وكمية الأمل في طريقك المليء باليأس والأشواك .. كله من الله، وليس من نفسك ..


في هذه الليلة، أسرح في بحر هذه الأفكار، متعجبةً ومذهولة، وأنا أحدّث نفسي وأذكرها بما حدث معي في السنوات الأخيرة، وكأنها سلسلة مترابطة من الأحداث والوقائع، والمعارك والانتصارات، والخيبات والدمعات، وأقف مدهوشة بجمال القدر ولطفه، ثم أتذكر رحمة ربي فأتعجب من تعجبي، وأستسلم له، وأحاول أن أرحب بكل ما سيأتي، مهما كان عكس رغبتي وتوقعي،. (اتمنى أن أمثّل هذا الكلام) .


ويبقى في قلبي شيء يردد .. ان لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكنّ عافيتك هي أوسع لي ..

هي أوسع لي ..

هي أوسع لي ..



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات شيماء الصمادي

تدوينات ذات صلة