حدث في القرن العشرين بعد الميلاد أثناء حكم الكنيسة الكاثوليكية لفرنسا المحتلة في سنة من السنين البائسة التي مرت علىٰ هذا العالم بدأ الأمر في بداية العام
وانتهى بمنتصفه
كما بدأنا نحن
وكما انتهيتي انتِ
وكما سأنتهي أنا … أرجو أن أنتهي
ولدت في قريتك تحت ذات الاحكام القاسية التي فرضها المجتمع الكاثوليكي علينا أمضيت ثمانيَ عشرة عاماً في ذات المكان الذي كنتِ فيه المكان المعقد الكئيب النمطي
الذي يجبرنا على السير في قاعدة نمطية واحدة
المحرمات بها اكثر من المحللات
كنت أنا عكس ذلك
لم أستطع السير على نمط معين وكانت المناهج لا تعنيني
كان يعنيني أن اكسر القواعد بعد وضعها
كان يعنيني أن اكون منبوذاً عن كل ما تفعلون
كان يعنيني أن اكون المختلف بين الجميع
كنت أسير حسب رغباتي و حسب ما يعجبني
كنت ارتدي الملابس الممزقة والضيقة
كنت أُصفف شعري بطرق غريبة و مختلفة عن أولاد القرية
أصبح مخالفة القواعد بالنسبة الي إدمان
و بالتالي كان هناك نتائج لكل هذه الأفعال
كنت وحيداً بالمدرسة و بالقرية لم يكن لدي أصدقاء بسبب توصيات أهالي الطلاب بعدم مرافقتي
فبخلاف أسلوبي الغريب بالنسبة للقرية
كان والدي سكير وقد مات بجرعة زائدة من الكحول
لذلك لم أواجه صعوبة في أكون مختلفاً لانني كنت منبوذاً بأي حال
كنت أتلقى نظرات الكراهية من الجميع حتى من الأساتذة
وكان يعجبني أن استفزهم
كان يعجبني ان أراهم يحترقون عندما أبين لهم عدم اهتمامي بهم وبقواعدهم
كرهتُ القرية كرهاً شديداً وكنت أكره الكنيسة أيضاً
كنت أتمنى وأرجو اليوم الذي سأتمكن به من مغادرتها
ولكن لا ملجأ لي إلا هنا
حيث هنا منزلي الذي تركه والدي السكير والذي أعطاني من سمعته رغم أن آخر مرة رأيته بها كنت طفلاً ذو عامين
هذا هو التسامح الذي تعلمته من الكنيسة المسالمة على أي حال
أعتقد ان كل التمرد الذي وصلت اليه كان بسبب الكراهية الغير مبررة التي تعرضت لها انا وامي غير ان امي قد ماتت وتركتني وحيداً
اواجه هذه الكراهية بالتمرد وبالتحدي
كرهتُ القرية حتى اليوم الذي كنت اقرأ به كتاباً عن الحب
كتاباً محرم داخل قرية كل الكتب المسموح لنا بقرأتها هي الكتب الدينية و أشعار المديح التي تُلقى على الباباوات والقساوسة
رأيت ابنة القسيس المنافق ذو المرتبة العالية داخل الكنيسة والتي تبين لي انها انتِ في ما بعد تقترب مني
وبغير كل توقعاتي طلبت مني أن تستعير الكتاب المحرم بالنسبة لوالدها
كنتِ مذهولة بكيفية ادخالي هذا الكتاب للقرية
و ذهلتِ عندما اخبرتك انني امتلك آلاف الوسائل لأفعل الذي أريد
تحدثنا ذلك اليوم لم تكن محادثة طويلة ولكن عرفت القليل عنك عرفت إنك مثلي تماماً رافضة لكل المجتمع ورافضة للعادات والتقاليد
و الاهم إنك رافضة لوالدك
انتهى ذلك اليوم وقد اعطيتك الكتاب رغم إني لم اكمله
لكني لم استطع ان أرفض طلبك
كذبتُ عليكِ واخبرتك اني قرأته عدة مرات وانه بإمكانك استعارته .
مرت عدة أيام على هذا اللقاء
وكنت كل يوم انتظرك امام مدخل الغابة حتى اتمكن من رؤيتك أملاً بلقائك
وتحقق مرادي ذلك اليوم
اتيتي وكانت هناك اثار كدمات حول عينيك
اما بعينيك كان هناك اثار سخط على المجتمع
و دون القاء السلام عليّ حتى
أخبرتني أن لا أتوقع ان تعيدي الرواية إليّ
حينها خمنت أثر الكدمة حول عينك
وكان تخميني صحيح
لقد ضربك والدك ومزّق الكتاب
وانفعالك لم يمنعك من أن تجلسي قليلاً معي
وبذلك اللقاء وجدنا الصفات المشتركة بيننا
كلانا متمرد وكلانا يكره هذه القرية !
كنتِ ابنه القسيس الرئيسي في كنيسة القرية
مما يعني ان الأوامر عليكِ تطبق بثلاث اضعاف السكان العاديين
خوفاً على سمعة أبيكِ الذي أكره
كنتِ تحت ضغط هائل من والدك لتتركي الدراسة وليقوم بتزويجك زواجاً اجبارياً لأحد القساوسة
لكنك كنت تقاومي وكنت تحاولي اقناعه بكافة الوسائل فلم تكن هذه هي الحياة التي ترغبي بها
كنت مليئة بالاحلام
التي التفكير بها فقط قد يعرضك للقتل
فهنا حتى الاحلام ممنوعة
انتِ مُسيرة ولستِ مخيرة
هنا مقبرة الأحلام والشخصيات
و هُنا موتك البطيء
أحببتك وأحببتني
لكن لم نبُح بذلك
ولم تكمل فرحتي بكِ
حتى علم والدك بشأن مقابلتك لي
وبالطبع لم يتقبل مواعدتك لابن السكير
لم أستطع التخيل ما حدث بكِ من بعدها
فقد تم نفيي خارج القرية مع عدم القدرة على العودة نهائياً
أما أنتِ لم اسمع عنك اي خبر لمدة ثلاثة شهور
حتى رأيتك أمامي في داخل قريتي الجديدة التي كانت مختلفة اختلافاً كلياً عن مقبرة الحيوانات التي كنا نعيش داخلها
حاولت خلال الثلاثة شهور بناء حياة جديدة لي هنا وقد تمكنت من فعل ذلك بصعوبة
وحاولت أيضاً التواصل معك واخبارك بمكاني ورغم صعوبة الامر الا انه قد تم
و أتيتِ اليّ
لا اعلم ما الذي مررتِ به
فقبل ان نتنفس براحة
بدأ والدك بالبحث عنك
وبدأت حالة الاستنفار
بطريقة لا اعلمها علموا أين انا
وحسب تخميناتي البسيطة فقد وقعت رسائلي تحت أيديهم
بدأنا بالهرب
لم نترك وسيلة ، مكان ، غاية او حتى سبيل لم نلجأ اليه
وقابلنا الفشل في نهاية كل طريق
علمنا ان الموت قريب
وانه لا مفر من ذلك
حتى قررنا وبطريقة درامية جداً ان يقتل بعضنا الآخر
وبالفعل قمنا بذلك
أصبح قلب والدك بارداً عندما رآك جثة هامدة
ولكن مع الاسى الشديد لم تكن ضربتك لي قاضية
و بقيت على قيد الحياة
داخل الزنزانة بالسجن تحت تهمة قتلي المتعمد لكِ
لتعيشي بذاكرتي وقلبي فقط
ولتكوني خطيئتي الأبدية
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
جميلة جداً.. أحسنتِ!
مزيج من البساطة والجمال,سلمت يداك.
سلم قلمك