مراجعة وتلخيص كتاب الخروج عن النص للدكتور محمد طه.. كاتب الشباب.

أن تقف أمام نفسك لأول مرة.. "الخروج عن النص"92487587613255680



الدكتور مُحمد طه والمُلقَب بكاتب الشباب حاليًا نظرًا لِما لاقته مقالاته ومؤلفاته من شُهرةٍ واسعة ساهمت في خلق حالة من الوعي النفسي الذي طالما كان هو الهدف الأساسي وراء تلك المؤلفات.. وفي الحقيقة كانت بداية ظهور الدكتور مُحمد طه ككاتب مصري عندما خرج علينا بكتابه الأول "الخروج عن النص" في عام 2016 واتسم هذا الكتاب وغيره من كتب الدكتور محمد طه بالبساطة الشديدة في سرد الموضوعات النفسية وقربها من واقع الحياة.


وقد بدأ هذا الكتاب بالحديث عن الحدود النفسية للإنسان والتي لا بُد من مراقبتها جيدًا لئلا يسقط المرء في فخ ليس له أو يحمل أعباءً لم يكن له أن يحملها، ثم انتقل الكاتب إلى إيضاح الفروق الجوهرية بين النفس الحقيقة والنفس المُزيفة والتي كانت بمثابة صدمة للقارئ غرضها إيفاقته من غَفلةٍ كبيرة عن ذاته الحقيقة التي قد نسيها أو كما ذكر الكاتب "دفنها" خشية من ظهورها على حقيقتها، مما قد يدفع بالمرء لتكرار نفس أخطائه مرات ومرات فيما يُعرف بـ "ظاهرة التكرار القهري".

ومن الجدير بالذكر أن الكاتب يستشهد بمشاهد عديدة ومُميزة من الأعمال الفنية العربية وغير العربية ليوضح قضيته البحثية مُتناولًا إياها بنظرة تحليلية تجعل القارئ يراها بمنظور مُختلف عما اعتاده، وبهذا فإن الكاتب قد نجح في طرح قضاياه بشكلٍ رائع ومؤثر يصعُب نسيانه.


فيما بعد حاول الكاتب الانتقال إلى واحدٍ من أهم وأكثر الموضوعات النفسية جدارة بالتفكير والتحليل ألا وهو مشاعر الإنسان والتي تحدث فيها الكاتب عن تحرر المرء من وطأة المواقف المؤلمة التي طالما تعرَض وسيتعرض لها طيلة حياته وأوضح ضرورة الحذر من ظاهرة نفسية في غاية الخطورة وقد ناقشتها مدرسة التحليل النفسي لسيجموند فرويد وهي ظاهرة "التقمُص الإسقاطي" والذي فيه يقع المرء فريسةً لمشاعر غير حقيقية تجتاحه وتجعله حائرًا في اكتشاف أسبابها.


ومن هذا المُنطلق فقد ذهب الكاتب إلى موضوع في غاية الإثارة وهو العلاقات الإنسانية وحقيقتها خاصةً علاقة المرء بنفسه وعلاقاته بمن حوله وقد أوضح أخطر تلك العلاقات وأنماطها بأسلوبك يدفع القارئ للبحث والتمحيص من أجل التحرر من كل علاقة مؤرقة لا جدوى من استمرارها ومن هنا قد فُتح باب التعرُف على الاحتياجات والحقوق النفسية التي طالما غفلنا عنها إلى أن اهتدينا للعلم بها والتي على رأسُها الاحتياج إلى أن يشعُر الإنسان بأنه موجود ومرئي..


وفي هذا الجانب أوصى الكاتب بأن التعرُف على الاحتياجات لا بُد أن يكون نابعًا من أعماق المرء أولًا ومن ثَم عالمه المُحيط وإلا سيصير كما وصف الكاتب "مدمن".. الإدمان الذي من شأنه أن يُعرقل حياة المرء إلى أن يفقدها أو ينسى دوره الرئيسي بها، وبالتالي على المرء أن يتعرّف على احتياجاته ويتعلّم عنها ويدرك أحقيته بها.


في الفصول الأخيرة للكتاب حاول الكاتب إبراز الكثير من البديهيات التي كنّا ولا زلنا _إلا من رحم الله_ نغفلها ولا نقدر على استيعابها بشكل كافٍ ومنها هي أن العلاقات الإنسانية على تعقيدها وصعوبتها في كثير من الأحيان فإن أخطائنا التي نرتكبها بحق أنفسنا ومن حولنا هي سبب رئيسي في ذلك التعقيد وتلك الصعوبة حيث إغفال حقوق أطراف العلاقة من حيث التقدير والاهتمام والتقبُل والحب اللا مشروط من أخطر العوامل التي تؤدي لتدمير العلاقات وكذلك ضعف الشعور بالأمان النفسي ومن ثَم الوقوع في فخ الكثير من الاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة..

ولهذا فالكاتب أوضح قيمة الشعور بالاستحقاق وتقبُل الإنسان لذاته ولمن حوله ومعرفة دوره الحقيقي بالحياة وليس الدور الذي يفرضه عليه مجتمعه.. أن يخرج عن النصوص المُعدة له ويُعد بنفسه نَصه الخاص.


في النهاية يجدر بنا القول بأن هذا الكتاب كما وصفه الكتاب "وقفة أمام مرآة النفس" التي لا بُد أن يقف المرء ماثلًا أمامها ليعرف ذاته بحق، ليمنحها المحبة الخالصة ويشعر باستحقاقه.. مرآة النفس التي تجعل المرء يرى حقيقته كما هي بلا أحكام أو شروط.. كان هذا الكتاب شرارةً ساهمت في إلقاء الضوء على كثير من الحقائق النفسية التي قد نُسيت وحان وقت تذكُرها وتصديقها وإن شابَ ذلك بعض الألم الشافي بعد مُعاناة استمرت لفترة مهما طالت كان لا بُد لها أن تنتهي.


تقييم الكتاب: 4.5/5

Rewan Kassab

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

اسلوب سلس. عرض ممتع ومحفز للمتابعة
بالتوفيق ان شاء الله

إقرأ المزيد من تدوينات Rewan Kassab

تدوينات ذات صلة