يتناول المقال فكرة عدم الديمومة التي تحيط كافة العلاقات البشرية و أنه من الأسهل لنا الرضوخ لهذه الحقيقة كي لا نعلق في غياهب الفقد.

منذ وقتٍ ليس بالبعيد، و في خضم نقاشٍ وجودي مع شقيقتي عن العلاقات الإنسانية، ذكرتْ شيئاً لم يستوقفني وقتها، لكنه عاد إلى ذهني هذا الصباح، و استوقفني بغية التفكر فيه. ذكرتْ يومها مصطلحين كان أحدهما مألوفاً بالنسبة لي؛ "Soulmate" أو توأم الروح، و الآخر لم أكن قد سمعتُ به من قبل؛ "Twin flame" – لستُ على دراية بما يوازي معناه بالعربية نظراً لكونه مصطلحٌ وضع حديثاً-. قالت أنه يجب أن أكون على دراية بالفرق بين العلاقتين – ذكرت الفرق- و أن هذا سيسهل عليَ الكثير فيما يخص التعامل مع انتهاء العلاقات.


بقليلٍ من البحث، تبينتُ الآتي:

  • في العلاقة الأولى "Soulmate" يظهر هؤلاء الأشخاص فجأة في حياتنا، نصل إلى درجة عميقة من الترابط معهم، و نشعر كما لو كنا نعرفهم دائماً – أطول من الزمن الفعلي للعلاقة-. يساعدنا هؤلاء الأشخاص على إدراك أنفسنا، و اكتشاف أجوبةٍ على أسئلة من شاكلة من نكون، ماذا نريد، ماذا نحب و ماذا نكره، هلم جراً. عادةً ما يؤثر فينا هولاء الأشخاص بطريقة تدفعنا/تساعدنا على تغيير مسار حياتنا، و اتخاذ قرارات جذرية فيما يخصها. هذا النوع من العلاقات يساعدنا على التطور و تخطي العقبات الشخصية لكن في معظم الأحيان تتأثر العلاقة أو حتى تنتهي بمجرد أن نجد الأجوبة، لأنه لهذا السبب قامت العلاقة في المقام الأول. هذا النوع من العلاقات قد يتجسد خلال أي شكل من العلاقات مع أي أحد، الأصدقاء، الأسرة، أو حتى الحبيب.


  • أما في العلاقة الثانية "Twin flame" فبدلاً من أن يساعدنا الشخص على التطور الشخصي، يساعدنا على تحقيق ذاتنا في العالم، و أن نقوم بالدور الذي نؤمن أننا وُجدنا من أجله. عادةً ما يمتلك هذا الشخص إدراكاً للعالم يكاد يكون مطابقاً لإدراكنا، و لا تتأثر علاقتنا به أبداً، لأن الدور الذي نسعي لملئه ممتدٌ بامتداد حيواتنا. لا يشترط أن يكون هذا الشخص هو شريك حياتنا، لكننا سنشعر دوماً بارتباط عميق و قوي جداً تجاهه حتى لو لم يكن موجوداً حولنا في الوقت الراهن.


يُقال أننا نحظى بالعلاقة الأولى كثيراً ومع أشخاصٍ شتى على مدار حياتنا، لكن العلاقة الثانية لا تكون إلا مع شخص واحدٍ فقط، أو قد لا تكون – لا يختبرها كل الناس-.بقليل من التمعن في تفاصيل العلاقتين و مقارنتهما بحياتنا الشخصية، سندرك مدى واقعية المصطلحات. لكنني لم أكتب هذا المقال بغرض تعليمكم كيف تصنفون العلاقات التي تحظون بها، فالتصنيف أصلاً ليس مهماً، المهم أن تشعرك العلاقة، أياً كان نوعها، بالارتياح.


لماذا إذاً جئتُ على ذكر المصطلحين؟ لأنني أظن أن التعامل مع وجود الناس في حياتنا باعتبارهم فترات مؤقتة، كانت لأجل أسباب قد نعيها و قد لا نعيها، حتماً سيخفف وطأة الفقد حين نخسر هذه العلاقات تحت أي ظرف.لم يأتِ الجميع ليبقى، و ليست كل العلاقات معنيةً بالدوام، و لكن هذا لا يعني التهميش أو حتى التخوف من العلاقات الإنسانية، فطالما أدرك المرأ أن كل علاقةٍ يكّونها ستكون خطوةً نحو اكتشاف نفسه، فإن الدنيا ستغدو عندها ساحةً مغامرةٍ كبيرة، نسعى فيها لسبر أغوار أنفسنا و من ثم تحقيقها في قالب هذا العالم الكبير. الفقد واقعٌ لا محالة، و لا يمكن للمرء أن يتخطى مرارته، لكنه في المقابل، مطالبٌ بحماية نفسه في الوقوع فريسةً في براثنه.

من هذا المنظور، سنملك الخيار في كل مرةٍ نخسر فيها شخصاً عزيزاً علينا؛ إما أن نغرق في دوامة الفقد التي لا تنتهي، أو نقدّس و ننظر بعين الامتنان إلى ما تركه لنا/فينا و نواصل السير نحو الهدف الأسمى الذي نؤمن به.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

تدوينه جميلة جداً وأتت في وقتها المناسب , شكراً لكلماتك الرائعة .

كلمات كنت بحاجة أقرأها.. شكرا لك

تدوينة جميلة
فعلا هنالك أشخاص يتواجدون في حياتنا لفترة معينة و لأجل ترك بصمة فينا ... و لنا الخيال في تحديد نوع البصمة ... سلبية كانت أم إيجابية. سلمت أناملك.

إقرأ المزيد من تدوينات رُفيدة رشوان

تدوينات ذات صلة