أعلم أنك لن ترى المقالة هذه بعيني، ولن تقرأها بصوتي الداخلي وإدراكي، الأهم من كل ذلك أن تستوعب ما خطرُ إنجاب الأسوياء وجعلهم غير أسوياء!
" أعلم أن ليس هنالك أحدٌ يبدأ الرسالة باعتذارٍ دون مبررات، لكنني أُريد أن تسمعيني بقلبك الصغير أوْلًا، وقعت بلا بسملة على كومة من الكلام الجميل الذي افتقرتُ وجوده في بيتِ العائلة، الغزل اللحظي الذي جهلت ما خلفه، انجبتُكِ وأقتبست من ملامحك رواية عن حالي، لربما سترين أن لديكِ أُمًا مهملة بعض الشيء، تصرخ كثيرًا وتوقظكِ دمعَتُها في كثير من الأيام، على الرغم من أن العكس هو المطلوب، كنتِ دافئة التصرفات، تهم بالسكوت والمشاهدة فقط، تسألين نفسك؛ ما هو ذنب بقائي إلى جانب المرأة التي لا تصمت أبدًا في الفكر والجسد"
ستدرك أنْ الوعي يوجَد في عقول معينة، تكتمل هيكلته باكتمال الفعل ورد الفعل وهي التربية والمُصاحَبة، فإذا اختفى أحد العنصرين، لن يحصل أي شيءٍ سوى أن المجتمع سيستقبل بحزنٍ ضحية جديدة، حليفة نقص مُنكَرٍ من جميع الأطراف، قرارك بالانغماس في فوضى المجتمع سيجعلك تحصي قضاياهُ مُعترضًا على كثرتها، حزينًا على اندثارِها، لكن الأهم من كل هذا هو ما نعيشه في الأيام هذه، رؤيتنا لتعطُّش كُل الأطراف إلى الاهتمام المُغيّب والمنتشر بهدف سد فراغ الحب غير المكتمل، ومصدر انعدام التوازن هذا يكون غالبًا من قبل الأهل الذين اعتادوا على القسوة بغية أن يصبح ابناؤهم رِجالًا وفتياتُهم قويّات لكي لا يخضعن للحب بسهولة.
الغالبية العُظمى من طُرِق التربية اخترقت حدود البلاد دون أن تؤدي إلى روما، وإن كان باستطاعتي أن أُكنّيها فستكون روما كالصحة النفسية التي نفتقر لوجودها كهدف أساسِيْ، وأخص بالذِكر عُمر العشرين الذي يكون ثِقلا على كاهل البعض؛ فهو سِن التأسيس والبناء من جهة، وسِن اكتشاف النفس من جهة أُخرى، تواجه الفتاة في بداية الطريق كلمات مرشوقة بعشوائيةِ مِشيَتها، من فِطرة شابٍ غير مشبعٍ بالحنان حتى وتبدأ دوّامة السراب تلك فكلاهما شحيح المشاعر الأبوية، الخالي من المصاحَبة العائلية الدافئة التي كانت ستحدث فرقًا شاسعًا إن تواجد ظِلّها، تبدأ لهفة معرفة ماذا بعد في تلك العلاقة التي بالطبع هي قصيرة الأمد، كلٌّ يظن أنه يكمل الآخر، لكنّ الحقيقة العقيمة هو أن التشابه حتى في العُقد لن يؤدي إلى حلّها قبل الاعتراف بها وتقبّلها، وتكمن بداية نهاية تلك العلاقة في وجود خليطٍ طينيّ بريء بينهُما، يرى ما لا ذنب له به من قلة تفاهمٍ وندم نتيجة تسرع، ومخزون من الحب الوهمي الذي لم يُملأ حتى ليُمنح.
لذلك بذرة الحُب تحتاج إلى السُقيا مجددًا، والاهتمام الذي يُشعر الأبناء بقيمتهم دون أن يعتادوا عليه يجب أن يُعزز كل فترة وأخرى، أن نُفكر في مفهوم القوة قبل التلفظ فيه، وأن نأخذ الشهيق قبل فرض الكمال غير المنطقي عليهم، فإن لم نُشبع ما علينا إشباعه من الطمأنينة لأبنائنا سيصبحون جوعى للاهتمام من مَكبّ العلاقات المعقدة، و سَهوتنا عن ذلك كُله ستؤدي إلى أن نكون سببًا في عُقد نفسية جديدة وضحايا كُثر، نجهل نهاية مَطافِها، لربما تجعلنا نتعرض لخسارتهم من أنفسهم وهم أمامنا ولكن خسارة نفسية أبدية.
- راما الرجبي
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
🤍🕊