"يدفع البشر دوماً ثمن المعلومات وإن كان بحثك في تاريخك فاسمح لي أن أقدم اعتذاري الآن"

يركض الصغار لأحضان من هم أكبر سناً للاستماع، سماع القصص حدثٌ مهم جداً في يوم الطفل فكيف إن كانت القصص مرتبطة به، فمرة جدك كان يفعل كذا ومرة أمك كانت تلعب هنا، ومرة كان أبوك أوسم الشبان وهذه الطرقات شهود، يستمع ويكبر متخيلاً هذا الماضي، الماضي الذي يصله جميلاً مرسوماً بدقةٍ تحمي براءة روحه من أذى يتذكره الجميع ويتفق الجميع – بلا إفصاح - على إخفائه.


المشكلة أن حب الاستطلاع هذا غالباً ما يكبر مع الأطفال فيغدو الطفل شاباً وحكايا الأحضان التي كانت تُروى بكل حذر تصبح قديمة بسيطة وقليلة، فيبدأ البحث بفضول أكبر ومن مصادر أقل ما يُقال عنها أنها أغنى لتتجاوز القصص عالمه الصغير.


يدفع البشر دوماً ثمن المعلومات وإن كان بحثك في تاريخك فاسمح لي أن أقدم اعتذاري الآن لأنك ستُصدم مِراراً - كما جرت العادة. ستتعرف على مصائب عنوانها (قصص من الماضي) وستكتشف تدريجياً أو دفعة واحدة أنك سمعت قصصاً مجمّلة لا لضعف في الرواة وإنما لقسوة في الرواية. ستكتشف حينها أن بعض الماضي أقسى من أن يُقال، بعضه يسطو على الحاضر ويغرس مخالباً في المستقبل، بعض الماضي يدمي حتى بمجرد ذكره، وقد كنت محمياً.


ستختار بعد أن تدفع صدمتك ثمناً لعلمك بين التعايش وربما زيادة البحث وبين رفض الاعتراف بهذه المعرفة كأن هذا سيلغيها، لكن الذاكرة صاحبة قرار مستقل – أكرر اعتذاري ولنفس السبب.


الرحلة طويلة وفيها من التقلبات الكثير لكن الفضول ما كان ليرضى بأقل من ذلك. مهما كان قرارك وكيفما تعاملت مع ماضيك وقصصه، أذكرك بأنك ستصبح يوماً الراوي، واقعك سيصبح الحكاية، فهل ستجمّلها أيضاً؟ أم ستليق ببراءة الأطفال؟ الإجابة للزمن.












ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات ميس ابو معيلق

تدوينات ذات صلة