عن لحظات الأمومة الأولى ، منذ بُشرت بك وحتى نبض قلبك على قلبي


أتذكر تلك اللحظة جيداً و كأنها الأمس ..

ابتسامة الطبيبة و أنا أحاول الجلوس على المقعد الجلدي الأسود .. مبروك .. حامل ..

و دمعة حارّة .. تسقط ..

لا أعرف ماهية تلك الدمعة ..

حتى الطبيبة سألتني ما هو شعوري ..

أكنت خائفة أكثر .. أو فرحة .. أو ..

لكنّ كل شيء اختلف حين سمعت نبضكِ لأول مره ..

بكيت هذه المره كثيراً ..

هل يسع مقدار الألفة و الحب الذي أكنه لنطفة بيضاء بالكاد تتضح داخل أشباح متحركة ...

كأنني بدأت أخاف أكثر عليها ..

هل كان هذا المسمى بقلق الأمهات ؟


استيقظت في اليوم التالي و يدي على بطني ، أحاول الإحساس بك و الاطمئنان هل أنت بخير هناك ..

في كل موعد متابعة ، كان موعداً حقيقاً مع الحب الذي كان ينمو يوماً بعد يوم .. بالتعب اللذيذ .. الذي يرافقه الصبر الجميل ..

أما الركلة الأولى .. يااه .. طرقة من عمق قلبي .. ماما أنا هنا ..

أتذكر كيف ضحكنا أنا و والدك كثيراً عندما وضع يده و أحس بها ، كانت غريبة ، و لطيفة و حنونة ، لاتسعها الأوصاف ..

كانت البداية في محاولة شد اللباس على بطني لأرقب بروزه الصغير كل يوم .. حتى كبرت إلى أنفي كأجمل حاجز جعلني أصلي علىكرسي و أمشي كالبطريق..

أميل في محاولة غسل وجهي صباحاً .. معاناة لبس الحذاء و النزول لأسفل .. حجبت رؤية جزء من شاشة الهاتف أن وضعته على فخذي .. بُعدت الأشياء عني بسببك و قربت كثيراً كثيراً مني ..


كان الغثيان الصباحي يعني إن نموك جيد ..

ظهور الكلف و التشققات و تضخم أنفي لا يهم أمام ركلات التحايا في الصباح و ما قبل النوم .. كيف أفاجأ وانا في وسط انشغالي بالعملبركلات متكررة و قوية أوه تضايقتِ من كثرة الجلوس .. لآخذ استراحة بجولة قصيرة لأجلك ..

أرى حركتك الكثيرة الآن و ابتسم .. يا للعجب أكنت هكذا تجولين فيّ ..


خبأت جنسك عن والدك لمفاجأته واتيته في الحلم بشرى أمنيته .. و فوزي طبعاً في الرهان عليه ..

"ان شاء الله بنوته زي القمر ".. قالت الطبيبة ..

و اكتمال تأثيرك علي حين اتفق الجميع أنني أصبحت أجمل بعد حملك ، أحببت هذا الاقتباس أكثر :

"صبي، أو بنت؟ "أنتِ حُبلىٰ بقمر، هذا يفسّر كيف تُصبحين مُضيئة أكثر كلما اكتمل.."

طلبت صورة من السونار دائماً في مراجعاتك ..

قبلتها كثيراً و ابتسمت ، حاولت التحدث معك ، القراءة لك ، التفكير بك دائماً قبل تناول أي شيء او الحزن على أي شيء ..

حاولت الكتابة لك للتعبير عن مشاعري ولم تسعني سوى دموعي ..

دعوت الله كثيراً لأجلك ..

حين بُشرت بك في رمضان ، كان لك النصيب كله من الدعوات لك كل ليلة ، قبل الإفطار ، كل وقت ..

بقيت أكثر الليالي متيقظة.. أتأمل في الظلمات الثلاث التي تحومين فيها .. أسترجع صوت دقات قلبك و كأنها ركضٌ مفزوع في تلك العتمة..

استودعتك من لا تضيع عنده الودائع ..

أتيت في موعد مبكر جداً و قبل ذكرى زواجنا بيومين ..

أجلنا كل المخططات السعيدة للاحتفال ولم نعي أن الاحتفال بك سيكون أجمل من أي ذكرى ..

لحظات الولادة كانت صعبة جداً .. لا توصف ..

لكن كل شيء اختفى حين رأيتك ..

يكفيني القول انها معجزة الله التي زادت إيماني به

.. لم نحتف كثيراً بالحضن الأول ..

حين تلقفتك الأجهزة قبل حضني ..

فرغ فؤادي من كل شيء ..

وقرت عيني حين ردك الحليم اللطيف إلي ..


ارتبكت كثيراً حين حملتك أول مره ..

كان أكثر شعوراً مختلطاً مررت به ..

بين الفرح .. و البكاء .. و الحنان ..

أخيراً ابنتي ..

أتذكر كيف ضممتك بقوة طوال طريق العودة إلى المنزل و أنت متشبثة بأصبعي بكفك الصغير ..

بقيتُ مدة طويلة أجد سعادتي في تأملك في نومك في حركاتك ، كُنتِ كل اهتماماتي ، جُل وقتي ، وكل اللذين أحبهم ، انشراح صدريوشتى مسراتي ..


كنتِ ابتسم من العمق مع أحاديث الأمهات ، حين يشددن على يدي أن المرحلة القادمة أصعب ، بينما أيقنت أن لكل مرحلة عذوبتها بقدرصعوبتها .. و عشت ذلك خطوة بخطوة معك ..

بكل التعب ، بكل الحيرة و القلق ، بكل الضحكات و الدموع ، بكل التفاصيل ..

منذ كنت تحومين بداخلي ، حتى نبض القلب على القلب ، و الآن يداً بيد ..

كقطعة من قلبي تكبر داخله و تحوم خارجه في الوقت ذاته ..

هَاء

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات هَاء

تدوينات ذات صلة