ليس الأمر سهلاً، أقول لها. الأمومة ليست طوقاً مهذباً من الورود. هي أقرب إلى وردة جورية بالعديد من الاشواك... و لكنّها في النهاية وردة.
في المرآة... تقف فتاة لا أعرفها، إمرأة أخرى إن صحّ التعبير أكثر.
على يدها اليمنى تستريح رأس صغيرة و و تمسك بيدها الأخرى ما تبقى من البدن.
مرّ وقت طويل لم أتمعن فيه في وجهي بالمرآة.
افاجئ أنه لا يزال نفسه، هو هو.
رغم التغير الشديد الذي طرأ على حاملته.
أسألها... تلك الفتاة التي مرّ وقتٌ منذ أن تحدثت إليها آخر مرّة.
هل أنت سعيدة؟
تهزّ رأسها بالنفي...
أسألها عن حزنها، و لكنني لا أجد له أي علامات ظاهرة أيضاً.
ليست سعيدة، ليست حزينة.
و لكن السعادة و الحزن ليسا كل شيء.
تقول أنها راضية.
مرحلة جديدة، و هي تسارع التأقلم.
تستشعر النعمة.
تعلم أنّ ما بين يديها نعمة كبيرة، و أنّ ما تمرّ به من توتر و قلّةٍ في الراحة ليسا سوى المنحى الطبيعي لعملية الإنتقال من مرحلة لمرحلة.
يقطع صوت افكاري صوت الرضيع مرّة اخرى.
أعاود هدهدته دون أن افكر بشيء آخر، و بعد ساعة أو ساعتين يتسلل التعب بشكل جامح من جديد.
أتوتر، أغضب بعض الشيء، ثمّ اذكر نفسي "حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ"
أفكر بالأمهات، أفكر في أمٍّ جديدة أخرى ، في مكان آخر الآن. هل تراها تدرك أنّها على ثغرٍ و أنّ لها في جهادها أجر المجاهد و الشهيد.
كيف تواسي نفسها في لحظات التعب هذه.
يبتسم لي الوجه الصغير، و أعرف الإجابة.
أمسك هاتفي، أبارك لعزيزة انجبت حديثاً، و أحادث اخرى تنتظر طفلها عن الأمومة و ما يجب عليها ان تتوقع.
اقتبس من حديث زوجي ذات ليلة شاقة" لم تُجعل الجنّة تحت اقدام الأمهات عبثاً"
أخبرها عن الليالي الطويلة، عن ساعات النوم المستحيلة و عن حياةٍ و روتينٍ لن يعودا.
ليس الأمر سهلاً، أقول لها.
الأمومة ليست طوقاً مهذباً من الورود.
هي أقرب إلى وردة جورية بالعديد من الاشواك... و لكنّها في النهاية وردة.
ستعرفين ذلك ذات ليلة مرهقة، عندما تمسحين دمعك في الثالثة صباحاً لأنّ صغيرك يجهل شدّة تعبك و يرفض مغادرة ذراعيك إلى أيّ مكانٍ آخر.
ستبتسمين وسط دموعك كلّما تشبث بك بشدّة أكبر و ستضمينه إليك اكثر.
لأنك في النهاية... عالمه.
و عندما تدركين ذلك، كل شيء آخر يصبح سهلاً، ضئيلاً.
كلّ شيءٍ أمام ذلك سيهون، و الامومة ستستحق.
-نور الهدى
التعليقات
رائعة احسنت ماشاءالله عليك