عشت معك حقيقة عمري. ضعت فيك إلى حد لم أصدق أنه قد تمضين , كان ذلك مثل المستحيل , و لكنك _ ذات صباح _ غبت , كما لو أن شروقك في جبيني لم يكن

الكتاب : رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان

المؤلف : غادة السمان


الكتاب ينضم إلى قائمة أدب الرسائل و الاعترافات ... من غسان كنفاني إلى غادة السمان يعتبر غسان أحد أشهر الكتاب و الصحافيين العرب .. فلسطيني .. استشهد سنة 1972 و عمره 36 سنة, أما عن غادة فهي كاتبة سورية دمشقية لا تزال على قيد الحياة.


هذا الكتاب لم ينشره غسان كنفاني و إنما نشرته غادة بعد عشرون سنة من وفاته في ذكرى وفاته في تلك السنة … الشيء الذي يدعو إلى التساؤل أنه بقرائتك للرسائل يتضح منها أنها رسائل خاصة بينهما بين اثنين كان بينهما نوع من الاعجاب أو الحب و تبادلا الرسائل بكل عفوية ! بررت غادة نشر هاته الرسائل بأنهم قد قطعوا عهدا على نشر رسائلهم معا … مع أنه ليس من ضمن الرسائل أي شيء يشير لهذا .. و قالت أيضا أن هاته الرسائل إنتقلت من الخاص إلى العام بحيث صارت وثيقة أدبية و نوع أدبي الذي ينضم إلى أدب الرسائل و المراسلات غير الرسمية .. مراسلات الإعتراف و أن بنشرها لهاته الرسائل تحيي ذكرى غسان و تكريم لهذا الشهيد.


و لكنها تعترف في بداية الكتاب بعامل النرجسية الذي يتستر خلف هاته التبريرات بالفخر الذي تشعر به بحب رجل مثل غسان لها و تقول :

" بأن كل أنثى تزهو بعاطفة تدغدغ كبريائها الأنثوية … و أنها لا تستطيع تبرئة نفسها من ذلك جزئيا " ممكن نجد اختلافا كبيرا و اراء ممن قرئوا الكتاب حول لماذا نشرت هذا الكتاب ? … أنا عن شخصي كنت أحبذ أن تبقى رسائل شخصية تحتفظ بها غادة لنفسها و تعتز بذلك مع نفسها أو تنشر رسائلهما معا .. و مما يجعلها خاصة أن هناك رسائل يستنجد فيها غسان أن تكتب له و في رسائل أخرى يلومها أنها تكتب لغيره و لا تكتب له .. و في رسائل أيضا عن ردود غادة .. ردود مجحفة في حق كمية الحب و التقدير و إن كانت مبتذلة من غسان !


و قد إتهم بعض النقاد أن غادة قصدت تشويه سمعة غسان و إخراجه في صورة الضعف بعد البطولة و الشجاعة التي اقترنت به !


اقتطفت لكم بعضا من الرسائل :


كان دائما يبدأ رسائله بعزيزتي غادةعزيزتي غادة


أراك دائما أمامي , أشتاقك , أعذب نفسي بأن أحاول نسيانك , فأغرسك أكثر في تربة صارت كالحقول , التي يزرعون فيها الحشيش, مأساتي و مأساتك أنني أحبك بصورة أكبر من أن أخفيها, و أعمق من أن تطمريها … غسان

—————

أيها البعيد كذكرى طفولة, أيها القريب كأنفاسي و أفكاري أحبك , و أصرخ بملء صمتي: أحبك

غادة

—————


إنني أحبك إلى حد أستطيع أن أغيب فيه بالصورة التي تشائين , إذا كنت تعتقدين أن هذا الغياب سيجعلك أكثر سعادة , و بأنه سيغير شيئا من حقيقة النساء …

غسان

—————


أنا لا أريد منك شيئا , و لا أريد – بنفس المقدار – أبدا أبدا أن أفقدك


—————


متى سترجعين? متى ستكتبين لي حقا ? متى ستشعرين أنني أستحقك ? إنني انتظرت , و أنتظر , و أظل أقول لك: خذيني تحت عينيك


—————


وصلتني رسالتاك , فيهما قصاصات من الأوراق الخاصة بحركة صغيرة , شطحة واحدة فوق نهايات الحروف أعدت إلى عالمي المعنى و التوهج و جلدني الشوق لك و أسرني ذكاؤك الذي أفتقده بمقدار ما أفتقد كفيك و كتفيك

—————


إنني أريدك بمقدار ما لا أستطيع أخذك , و أستطيع أن أخذك بمقدار ما ترفضين ذلك , بمقدار ما تريدين الإحتفاظ بنا معا , و أنت و أنا نريد أن نظل معا بمقدار ما يضعنا ذلك في اختصام دموي مع العالم … إنها معادلة رهيبة , و رغم ذلك فأنا أعرف بأنني لست أنا الجبان , و لكنني أعرف بأن شجاعتي هي هزيمتي , فأنت تحبين في , إنني استطعت إلى الان أن لا أخسر عالمي , و حين أخسره سأخسرك , و مع ذلك فأنا أعرف أنني اذا خسرتك خسرته


—————


اكتبي لي . هذه اللحظة و قولي : سأظل معك و سنظل معا


—————-


دونك أنا في عبث. أعترف لك مثلما يعترف المحكوم أخيرا بجريمة لم يرتكبها و هو في طوق المشنقة , كي يبرر لنفسه نهاية لا يريدها


—————


أيتها المرأة الطليقة , يا من قبلك لم أكن و بعدك لست إلا العبث , من بحر عينيك سقيت ضياعي جرعة الماء التي كانت دائما سرابا , و فوق راحتيك .تعرفت إلى مرساتي ووسادتي وليلي


—————

-

لا تتحدثي معي بالهاتف .. اكتبي لي كثيرا .. أنا احب رسائلك إلى حب التقديس و سأحتفظ بها جميعا و ذات يوم سأعطيها لك إنها – أيتها الشقية أجمل ما كتبت و أكثرها صدقا

–—————


عشت معك حقيقة عمري. ضعت فيك إلى حد لم أصدق أنه قد تمضين , كان ذلك مثل المستحيل , و لكنك _ ذات صباح _ غبت , كما لو أن شروقك في جبيني لم يكن


—————


عمري الان سبعة شهور , ولن تصدقي كم تغيرت. أنا نفسي لم أصدق و لا أصدق , و يبدو أن هناك رجال لا يكمن قتلهم إلا من الداخل


—————


إن المسافة التي ستسافرينها لن تحجبك عني , لقد بنينا أشياء كثيرة معا لا يمكن, بعد , أن تغيبها المسافات ولا تهدمها القطيعة لأنها بنيت على أساس .من الصدق لا يتطرق إليه التزعزع


—————


لقد وقع الأمر , و لا فرار .. العذاب معك له طعم غير طعم العذاب دونك , و لكنه دائما , دائما عذاب جارح , صهوة تستعصي علي الترويض


—————-


قالت كان دائما ما يساندني و يساند أصدقائه بهاته الجملة بوسعك أن تدخلي إلى التاريخ و رأسك إلى الأمام كالرمح . أنت جديرة بذلك


—————

و قالت غادة عن غسان :


غسان يحترم المرأة العاملة , و لا يخجل من دعمها علنا. غسان يحترم المرأة العاملة , و لا يخجل من دعمها علنا.


********


لم يكن ثوريا فصاميا. كان حقيقيا و أصيلا في كل ما يفعله , و كان الإنسجام قائما لا بين فكره و العالم الخارجي فحسب , بل بين فكره و جسده


********


نعم كان ثمة رجل إسمه غسان كنفاني … و كان له وجه طفل و جسد عجوز .. عينان من عسل و غمازة جدلة لطفل مشاكس هارب من مدرسة الببغاوات, و جسد نحيل هش كالمركب المنخور عليه أن يعالجه بإبر الانسولين كي لا يتهاوى فجاة تحت ضربات مرض السكري : هدية الطفولة لصبي حرم من وطنه دونما ذنب … لم يكن فيه من الخارج ما يشبه صورة البطل التقليدية : قامة فارغة .. صوت جهوري زجاجي . لامبالاة بالنساء (إلى اخر عدة النضال) لأنه كان ببساطة بطلا حقيقيا … و الأبطال الحقيقيون يشبهون الرجال العاديين رقة و حزنا لا نجوم السينما الهوليودية الملحمية … غير العادي في غسان كان تلك الروح المتحدية. النار الداخلية المشتعلة المصرة على مقاومة كل شيء و إنتزاع الحياة من بين منقار رخ القدر … نار من شجاعة تتحدى كل شيء حتى الموت


********

و في إعتراف اخر تقول أن غسان كان أحب الرجال إلى قلبها :


لا استطيع الإدعاء – دون أن أكذب – أن غسان كان أحب رجالي إلى قلبي كإمرأة كي لا أخون حقيقتي الداخلية مع اخرين سيأتي دور الاعتراف بهم – بعد الموت – و بالنار التي أوقدوها في زمني و حرفي .. لكنه بالتأكيد كان أحد الأنقياء القلائل بينهم

#قحمراني_وليد


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

قرأت الكتاب وشرت بغضب كبير منها..وغيرة مني على مناضلي وعزيزي الذي اشفقت على قلبه الرقيق أن يعاني كل تلك الآلام من أجل امرأة لم تكن تكترث لأمره..

اعتقد إن آخر ما كتبت أنت في مقالك..لم تكن تقصد به أن غسان كان أحب الرجال ألى قلبها..

بل وصلني العكس..إنها تركد أنه لم يكن الأقرب لقلبها.. لكنه كان من الانقياء القلائل اللذين قابلتهم وكأنها تعطف عليه بهذه الكلمات!
عكس من ظهر من بين سطور كلماته إنها كانت توهمه إنها تحبه..لكنها لا تستطيع مبادلته نفس المشاعر لأسباب كثيرة..

إقرأ المزيد من تدوينات قحمراني وليد

تدوينات ذات صلة