فصل من روايتي القادمة بإذن الله.
رحلة الجنود في معتقل روكهان اليومية تبدأ على فترتان، الأولى: آخر الليل، يجيء إلى المعتقل بعدما أخذ حصته الكاملة في النوم والراحة، لذا بداية عمله تصادف نهاية يوم المساجين، ليكون مصدر قوي للازعاج، من اخراجه لأي مفتاح في جيبه بحديد الزنزانة، إلى وضع الاضاءة اتجاه وجه المعتقل، ومنعه من تغطية عيناه سواءً بيداه أو بالفراش، على أنه لا يمكن رفع الفراش عن جسده بسبب برودة التكيف، ومع طلوع الشمس يدخل على المعتقلون الزنازين بقوة كي يأخذ منه المفرش وبعد ذلك يقدم الفطور المكوّن من الخبز ذات الرائحة الكريهه وعليه بقع خضراء، وبيض نيء، وكاس مفترض أن يكون ماء ولكن من خلال لونه تعرف أن تدخل معه شيء آخر أو لم يكن ماء أصلًا. ومن طلوع الشمس إلى أن تستقر في مكانها، يجادل بعض المعتقلون ويمارس فنه بالتعذيب قليلًا، وبالنسبة لبقية المعتقلون يختلف أمرهم، من كان في الانفرادي غاص في همه وغمه، والجماعي راح وقته بالحديث والكلام. مع ذهاب الظهر نحو العصر يبدأون الفترة الثانية بالقدوم، ومع تحضيرهم يقدمون وجبة الغداء وهي رز أبيض وقطعة دجاج، يبدو أنها من أيام طبخت. وغالبًا بعد أي وجبة كانت، أن أحدهم يتقيأ. ومع انخفاض حرارة الشمس تحين ساعة التريض، أحيانًا تزيد أو تقل أو يمنع الخروج إلى الساحة، يخرج السجين بملابسه الفضفاضة أو الخفيفة قصيرة الأكمام، على حسب الفصل إذا كان بارد؛ يلبس الخفيفة والعكس في الصيف، في نوع من التعذيب. مكبل اليدين والأقدام ومغطئ الوجه حتى يصل إلى الساحة وينفك عنه كل شيء، ويصير حرًّا ولكن بين سياج حديد مرتفع، مفتوح من الأعلى، يشبه سياج الكلاب. وبعد انتهاء الوقت، يجيء الجنود يعيدون كل ما كان عليه، ثم يدخل إلى الزنزانة. وجبة العشاء يختلف وقتها، وما يقدّم حينها، ومرات لا يأكل السجناء شيء، وهذا أمر أفضل بالنسبة لهم لا سيما إن كان الأكل المقدّم سيء وذات رائحة سيئة. وعلى آخر الليل وهو نهاية عمل الفترة الثانية يعطونهم فراش النوم والمخدة. وعلى هذا المنوال تسير حياة الجنود. يهمهم جدًّا الحضور مبكرًا، والمغادرة حين يأذن الضابط، طبيعي للغاية اهتمامهم على ذلك ولكن يصير بشكل أكبر إذا كان ارتباطه بشيء مادي، لا يشمله حبٌّ خفيّ مثل أرض أو دين أو أي أمر من هذه الأمور، يعرفون جيدًا الاختلاف الذي هم عليه، بداية من سلالته التي لا يعرف أصلها ومكانها، ولكن يزعم بعضهم أن أصلهم من هنا، واعتراف جزء آخر بجهلهم التام عن موطن أباؤهم وأجدادهم، ولا يمكنك أن تقول بجمعهم عن طريق اللغة، في ظل نخر هذه اللغة العالم أجمع، دون استثناء، يغلب حبّهم؛ المال المغري المقدم على أنه يترك ويفعل أشياء أو احتماليَّة ضرره، لذا يفضل القبول والالتحاق بالعسكرية، خصوصًا إذا كانت الأشياء المطلوبة منه تاهت بحقيقتها ما بين هل هي غريزة بشريَّة أو مكتسبة؟. وبكل الحالات سهل جدًّا اشعالها لهم أو حتى خلقها في دواخلهم.
الثلاثاء.
8/11/2022
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات