ما لا نفهمه إلا بعد فوات الأوان هو ما يعيق طريق رحلتنا للبحث عن الحياة ،فلنصمت ولنكن هادئين خير من التكلم وإزعاج الراكبين في هذه الرحلة.
في ركن ضيق من العالم ،في ركني المفضل من هذا العالم أمرتني أمي بالسكوت ، كأنه أمر عسكري ،قالت : لا تتكلم وإلا انتهى أمرك امشِ كما هو سير العالم ولا تحاول تغيير مخطط الرحلة .
أقسمت لها بتنفيذ ما طلبت واٌقسم بأني لم أفهم حرفا مما قصدت ،الآن لم أعد طفلا ولم تعد أمي هنا لتجبرني على السكوت ،ولدت كتوما ولكن عند الحق يطلق لساني ولا اسكت ابدا ،وكأني أعارض ما قالته أمي ، أول موقف نقض به العهد وخنت به القسم كان بعدها بيوم واحد رأيت صديقي يتعرض للضرب لإنه داكن البشرة ذهبت لإنقاذه فنلت على ذلك جزائي ،ولم أخبر أمي فهل أنا مجنون لأفضح أمري ؟!
لم أفهم سبب الجزاء الذي تلقيته عندما دافعت عن الحق ولكني ظننت بان فتى البشرة الداكنة هو المعتدي الاول ،انتهى الموضوع وحدث الذي بعده ،رأيت صديقي المتفوق الذي أصله قرويّ يتنحى تاركا إنجازاته للفتى الذي والده من عاصمة البلاد وله العديد من العلاقات السياسية ،صرخت بصوت الحق بصوت الفتى القروي الذي سلب منه حقه ،ولم أنل جزائي وحسب بل وانتهى بي الأمر بمشاعر الكره من جميع أولاد مدرستنا الصغيرة ، عندما كبرت دافعت عن حق اللاجئين وعن ظلم الحروب وقهر الشعوب وفقر العرب فسجنت لأني تكلمت ، عندها تمنيت و يالتني التزمت ذلك الأمر العسكري الصادر من أمي واغلقت فاهي الناطق بالباطل كما زعموا ، ليتني فهمت ما قصدته بكلامها وتنحيت عن جميع أدوار البطولة التي نلت فيها ما يكفي من الجزاء ،كنت أريد أن أكون حرا ولكن الخوف منعني فمُنعت طعم الحرية للأبد لم أعد أتكلم لم أعد أدافع أو أظهر بصوت الحق، أعيدُ الأمر العسكري قائلا: فليصمت الجميع وتسير الرحلة ولا يتغير مخططها إطلاقا .
التعليقات