فقط لبضع دقائق ستتوقف عن التفكير.. ستتوقف عن القيام بأي شيء.. سنتكلم فقط لبضع دقائق تكفي لإعادة تركيزنا لمحله..أو هذا ما اتمنى!

مساء الخير.. أم علِّي أقول صباح الخير فهي الثانية بعد منتصف الليل الآن.. إغفر لي طرق بابك للحديث في هذه الساعة لكن كما تعلم لا أحد لي أشاركه ما بي سواك.. واعذرني أيضا سنضطر اليوم للحديث هكذا في سطور دفتر الكتروني على هاتفي المحمول بدلا من الأوراق التي اعتدناها وأقلام الحبر الأسود السائل التي شهدت على عشرات الأحاديث بيننا لكن - لتأخر الوقت- لا استطيع اخراج تلك المعدات بدون اشعال الاضواء وهو ماسيضطرني بالمقابل لترك دفء السرير إلى برودة المسند الكتابي هو حتما ماسيجعل كلماتي تتجمد في إحدى زوايا عقلي بلا فائدة فأنسى -كعادتي- مارغبت في قوله لك، صراحة هناك سبب آخر يضطرني للكتابة بهذه الطريقة - التي لا أحبذها على الإطلاق- وهو أن -كعادته هو الآخر- صار جسدي يخذلني فملأته الآلام عن بكره أبيه.. آلام لا تفسير ولا مبرر لها ولا حتى وصف استطيع أن أمليه عليك بدوري لكن كل ما استطيع قوله أنها تجعل حركة يدي أصعب بعض الشيء لذا يكون من الأسهل الكتابة بالنقر على حروف لوح مفاتيح الهاتف بإبهاميّ المتعاونان بدلا من الإمساك بالقلم وتحمل الآلام المتزايدة التي تجعل خط يدي غير ذي قابلية للقراءة..

قد جذبتنا أطراف الحديث عن ظروف كتابتي ونسينا أن نتوصل لأواسطها الأكثر أهمية!

كما تعلم أنا الآن في واحده من أواخر اجازاتي الرسمية ولا أعلم متى سأظفر بواحدة مماثلة مرة أخرى حينما تنتهي .. لذا كنت قد قررت من قبل بدايتها ان استغلها في القراءة .. في قراءة كتب ماطلت كثيرا في اتمامها أو بدئها بمعنى أدق لأسباب لا أرى داعي للتطرق إليها الآن.. لكن تلك الكتب -برغم روعتها وما فيها من حقائق وأفكار أحتاج إليها أشد الاحتياج في الفترة الراهنة وفي المستقبل قريبا وبعيدا- إلا أنها كانت بشكل من الأشكال ذات ثقل كبير على روحي وقلبي ولا أعرف لذلك الثقل سبب.. فأقرأ سطورها وتراها عيناي وتهضمها دماغي وعلى الرغم من ذلك يزوغ تركيزي لنقاط أخرى بعيدة عن فحوى الكلام بلا سبب واضح .. فتحتشد أفكار عجيبة بخاطري أو تخطر ذكريات منذ سنين لم تظهر على سطح الأفكار فتشوب تركيزي على سطور الكتاب الذي أمر على كلماته مرور الحبر على الماء الجاري ..

كنت أظن أن هذه الحالة تراودني للارهاق مثلا وللحاجة لبعض الراحة من القراءة والتفكير فيما أقرا لأتمكن من العودة والتركيز مرة أخرى وبالفعل هذا ما كنت انتوي فعله .. حتى صادفت إحدى الاقتباسات التي أحبها من رواية "مثل ايكاروس" لأحمد خالد توفيق فقرأته بكل بساطة ولم يذب التركيز رغم اقترابه من حرارة الشمس كما ذابت اجنحة ايكاروس وشمعها ..

لا أعرف لما أخبرك بهذا كله الآن.. ولما تقرؤه أنت في ساعة متأخرة كهذه التي أنشره فيها .. لكن كل ما في الأمر أن فكرة هذا المقال راودتني منذ دقائق وشعرت أنها قد تتمخض عنها مقالة جيدة البناء..لذا شرعت في بنائها بأنامل إبهاميّ الطارقين على هذا اللوح الكتابي الصغير الذي يحتل ثلث مساحة شاشة الهاتف تقريبا..

لربما تكون هذه المقالة واحدة من الترهات التي تنتج عن قله القهوة وأرق آخر الليل في الأيام التي أحاول فيها محاولات بائسة للقلاع عن القهوة -التي بالمناسبة صارت تنظم نومي، والتخلي عنها هو ما يجلب لي الأرق والمتاعب!-، أتذكر آخر مقالة كتبت في مثل هذه الظروف منذ ما يقارب العام التي كان عنوانها "اللعين" على حد ذكري وكانت عن الأرق وما يفعله من أفاعيل بعقولنا الضعيفة المسكينة.. لا أذكر الآن حقا أن كنت قد قمت بنشر ذلك المقال من عدمه أصلا!

أيا ما كان لا ترهق عينيك في القراءة أكثر من هذا وهب عقلك برهة من الراحة -والبرهة بالمناسبة ليست فترة بقصيرة كما هو شائع خطأ مع الأسف- أعرف أنه من الصعب النوم بعد كل هذه اليقظة للقراءة ومع هذا الأرق والآلام لكن محاولة الاسترخاء نفسها تكون مفيدة.. مفيدة جدا!


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات داليا أحمد

تدوينات ذات صلة