ربما لو أدركنا أننا نفارق كل شيء بلا استثناء وأن كلّ الأشياء إلى الفناء تسري لسايرنا الأمور ولم نقف أبدًا.

(كن مؤمناً بأن الفقد محتوم، كن مؤمناً بأن التواجد نسبيٌّ وينعدم. )

نحن الآن في الجزء الأكثر غموضاً تحت سماء روحك المرصعة بنجومٍ كوّنتها لوزيتاك حين هطلت كأمطار ديسمبر، صراعاتٌ كثيرة بين عقلك الناضج وفؤادك الذي لم يتجاوز العام، يا تُرى من سيرفع راية انتصاره هذه المرّة؟ طائرة الحزن الآن تقلع من مطار فؤادك؛ لتهبط أخرى من ذواتِ السعادة على متنها شخصٌ جديد، أجل مشابه لذاك الذي رحل الاسم فقط يتبدل في كلِّ مرّة، ومن هنا تحتدم الحرب فيفوز الفؤاد لمرّته الثانية، وتحت مسمّى اللاوعي تعلّقنا! وتلك البداية المزهرة الحاملة بين ثناياها تفاصيلُ غيابٍ تتكرر، ومرّة أخرى تقف في منتصف الطرق تلعن الفقد وتبكي. الاعتماد على كلمة جداً مؤلمٌ جداً كذا كلمة دائماً: أحبك جداً، تعلّقت جداً، وسنبقى دائماً.. إيمانك بالفقد يتضائل مع كلّ بداية وتتكون أفكارٌ غريبة الطباع في عقلك المتأثر بفؤادك الطائش وفي كلّ مرةٍ تستخدم مصطلحات الدوام، وإلى أن تنضج ستفقدُ اكثر أجزائك جمالاً، فنحن نترك في كلِّ علاقةٍ جزء جيد، أخبرني كم تبقى لك من تفاصيلك؟

كثرة القرب تولّد الحزن من رحمِ المعاناة، كذا التعلّق يجعل مولّدات السعادة عقيم؛ فنجد اللاشغف يحيطنا؛ فنمقت العيش.. تتبعثر مشاعرنا بين أشياءٍ لا نستطيع التفرقة بين أهمِّها ومُهِمُِها، تتوالى ضربات الخوف من يدِ التعلّق على أكتافنا، نجدنا إلى القاع سائرين بلا هدف، العقلُ في تبدُّدٍ بين التطلُّع لما سيكون أو مراجعة دفاتر الحزن السابقة واستعادة الهوامش السعيدة لتجعلك منصدماً لمرّتك الثانية للأمرِ ذاته.. كيف حدث ذلك وكيف ذهب ذاك وكيف للآشتياق أن يزور فؤادنا المسكين، قد بات اليوم سكينٌ في صدرِ رَوْحي لا يُنزَع ولا يكفّ ألمه الناتج، هل للعيونِ أن تحتجّ على حزنها فيُمحى الحُزن لشدة الإعراض، أسئلةٌ قاسية إجابتها تتلخّص فيما بين القوسين في بدايةِ سردي.

_ سارة ثابت

سارة ثابت

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

رائعة !

تدوينات من تصنيف محتوى أدبي

تدوينات ذات صلة