دمي بارد، قلبي قاسي، قراراتي لا ترحم. أسمع هذه العبارات ريثما ألتفت وأخطو مبتعدةً عنهم.
ألتفت، ولا أجد في نفسي أقلَ رغبةٍ في إلقاء نظرة أخيرة عليهم، ولا أجد فيها أي شفقة لدموعهم، ولا أستطيع مهما استجديت عقلي ولساني أن آتي بعبارات أدفع بها اتهاماتهم.
دمي البارد كان يشتعل لتدفئتهم. قلبي القاسي لم يكن يومًا حنونًا إلا لأجلهم. قراراتي لم تكن ترحم سواهم وإن كانت على حساب جزءٍ من رضاي وسعادتي.
هذه أنا، لا أبالي حتى أحب، وأحب حتى لا أبالي. هذه أنا، عندما أحب، يعتقدون أني لا أستطيع المغادرة... عندما أحب، أعتقد أني لن أستطيع الرحيل. هذه أنا، أبذل قلبي حتى يفنى الحب. هذه أنا، أبذل قلبي فيعتقدون أن لا فناء للحب.
الآن يرون خطواتي المبتعدة، ولكن قبلًا لم يروا يدي المتشبثة بحبال مودتهم البالية. يبصرون رحيلي، ولم يبصروا يدي التي تعلقت في هوائهم وحيدةً تبحث عن يدٍ... مرة تلو أخرى... محاولة بعد محاولة... فرصة بعد فرصة.
كنت أرحل كل مرة وأعلم أن جزءًا آخرًا من قلبي سيصير رمادًا؛ قلبٌ تستعر فيه نيران الحب لن ينجو دون خسائر.
جئتَ أنت، وبمعجزةٍ ما استطعتَ أن تُخرج من الرماد زهورًا، تسقيها بدماء جروحي، وتجعل ندوبي سورًا لها.
جئت أنت، فعَمّرتُ لك ما تَخرَّب من قلبي، وأخذتُ أُصلح من أجلك روحي... أردتُ الحفاظ على زهورك زاهيةً في داخلي، باقيةً ما بقيتُ.
ظننتك أول عهدي بالأمان، لكن لا بأس. الآن... ها أنا ذي، أشاهدك وأنت تفلت يدي، وأشاهد حبك في قلبي بينما يفنى، وأحاول لمرة أخيرة أن أؤخر المشهد الختامي: أنا أرحل، وأنت تسترجي البقاء.
كلانا سيكون تعيسًا، ولكن أنا سأكون معي، وسيكون معي شرف كل المحاولات التي بذلتها لأجلك. أما أنت، فسيكون لديك ماضيَّ، وسيكون معك ندم كل المحاولات التي لم تنتهزها.
كلانا خسر، أنا خسرت زهورًا وأضحى جُلُ قلبي رمادًا، وأنت خسرتني، ولكن... رغم كل شيء -حمدًا لله- لا أخسر نفسي.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات