ما بَين البَين، لُغَة عَربيَّة، أصَالة نَجدِيـَّـة ورَكمَجة أبجَدِيَّة.
تُعرَف الظَاهِرة الصَوتية "تَسـْــتِسـَــة" بِأحَد التَفاصِيل المُدغَمة لُغوياً حَسب تَصنِيف لهجَة المَناطِق فِي مَنطِقَتِنا العَربيَّة وخاصَّة مَملِكَتنا الحَبِيبة، حَيثُ الارتِباط الوثَيق بالوجود البَشريّ مَع تَسلِيط الضُوء على الغَرض مِن التمسُّك بِها على ألاَّ يَكون عرضِياً بل فَرضِياً، فكَيف لَا وهِي من تُحيي الإرث والوِرث بالشَهادَة القُصوى تَحت السَماء وفوقَ الأرض في تاريخ البَشريَّة على مرّ العُصور.
تَبحثُ الأبجَديَّة عن مَاضِيها العَريق، عَن نَغمَة وايقَاع يَعود بِها الى ريْع شَبابِها، يَا أسفَــــاه !!، هُناك خِلاف في البِدايَة وكالعَادة بَين الـ " اليَاء" والـ "الوَاو"، ازدِحام آخر في اصطِفَاف الأحرُف استِعداداً للعَودة الى المَاضِي ومُروراً بالحَاضِر غَير البَعيد عَن المُستقبل الشَرقِيّ، في الانتِظار; لُغة عربيَّة بِتَشابُه أسالِيبَها واختِلاف لهجَاتها وأخرَى مَحليَّة أصِيلة كالفَرَس العَربِيّ تَقِف مِراراً وتَقفِز تِكراراً لتَمنَع تِلك الحَواجز من العَرقَلة بَعد حِمايَة هِي بالفِعل ذاتيَّة ذات اعتِماد كُلي ومُنذ كُلِّ بِدايَة.
أعلَم جيداً بأنَّ البَعض مِمَّن يَهوى الركمَجة النحويَّة يعتَبِرهَا مُبالغة بَينما يتَساءل الآخرين عَن مَصادِر بعض اللَكمات في الكلِمات السَائِغة، فكَيف لَا واللَهجَة النَجدية مُكتَسبة من لُغة الكُتب السَماوية بأجمَع، مَصدرها الوَحي في الدِيانات ومكانها ارض التَنوّع والسَلام، كَم هو عَجِيب التَقارب والتَشبِيه، وكَيف مُنِعَت من التَدخُّل الغَريب والعَبث العشوائِي في التَعدِّي على حُقوق الغَير مِن التُراث والأصَالة بارتِداء الكِساء الغَربي بَين الكَلمات والحُروف بَعد ان كان اللسَان العَربي يَجهَشُ بالنِداء سِلماً لا بالسيوف.
هَل يُعقَل ان يُخلَط المَاء بالدَواء؟ وكَذلك هو الحَال فِي لُغتِنا، لَهجتِنا، تُراثُنا، حَالُنا وحَلِيل أحوَالُنا، كُلّ ذلِك يتوقَّف عَلى النافِع مِن التَصنُّع في القَولِ والفِعل مُقابِل ان يُحقِّقَ اعتِزاز عَلى مَحضّ إرادَة ومَشِيئَة بالاختِيار لا الإجبَار كَما البَعض، فالحُريَّة للجمِيع وليسَت حِكراً على الأحيَاء، بَل تنالها اللهجَة والكلِمات التي تُبِيح عِناق الأشقّاء بِطريقَةٍ مَا يُميّزَها الاختِيار بَين المَخارج والأحرُف مِمَّا يُتِيح الفُرصَة بإلتِقاط النفس الأخِير والعودة الى الحياة المَهديَّة.
فَحسب شَهادة ما يُعرف بالـ "الفُونولوجيا" انَّ اللهجَة لهَا طَريق يُسعِدها وطلِيق يرصُدها مِن قَريب وبالعَين المُجرَّدة، فالغَرض هُو المُحاولة اليائِسة في المُواجهة بين لِسان شَرقيّ عَربيّ بِكامِل القُوَّة والتَعبِير عن الانتِصار تَفاؤلاً بالعِدَّة بَعد النُطق بَين الاسنَان، واسقَاط حَرف الضَاد مُقابِل القافِية الصَافِية للقَاف، وكَذلِك لا نَنسى الفَخامة عِند حِفَّة اللاَم مع الحِفاظ عَلى الثَبات والمُواصَلة لنُطق الهَاء المُتأخِّرة دومَاً ودائِماً بَعد اللِحاق بالتَاء الثابِتة والمَعروفة بالمَربُوطة الساكِنة لا السَاكِتة بالبَوح عن نُقطة اللِقاء والإلتقَاء مَع السَاكِنَيْن مِن الفُرقَاء.
أيُعقل بَعد هَذا الكمّ الهَائِل مِن اللهثَة الاَّ نَتوقَّف عِند العَذب مِن اللِسان!! كَم هِي غَريبَة الركمَجة بالأبجَديَّة؟ كيفَ ننسَى مَواضِع السَلامة القَريبة مِنَّا واختَيار البَعيدة عنَّا؟ لمَاذا اختَار الجُدُد مِنَّا صُنع المَسافة والتَعقِيد؟ لا إجَابَة لديّ عَدا انَّه تَهكِير في المَزاج وهُنا مَا يُعرف بِـ "مَربط الفَرس"، فلا مَانِع مِن التَهرُّب قَلِيلاً لأجل الشَائِح مِن التَعبِير والعَودة حمِيداً بالإيمان المُرسَخ انَّ القِيمة الفِعليَّة هِي نَحن، لَهجتنا، قِيمُنا ولُغَتُنا، ولَا مُقابل لتِلك الخَسَارة المُؤقتة دُون أيّ تَراجُع عَن مُواجَهة كُلّ مَن يُحَاول ان يَثأر او يَتأثَّر بالسَليط مِن الثَقافات فِي كلّ مَكان وزمَان.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات