كان عليّ في تلك الآونة أن أجمع حقيبتي ببعض الأشياء الضرورية ، لكنّي لم أعرِف حقاً أنها قد تكون أصعب مهمةٍ يمكنني امتلاك زمامها . . . .
حقيبةً مثقلةٌ بالوطن الذي أحمل في قلبي ، معتقة بياسميناتِ دمشق التي تعرّش في خلايا رأسي ممتدةً إلى عروق يدي الخضراء إلى أن تنبت من بين أصابعي شتلةً فتبيض يدي و تنمو قصيدة تخلد الذاكرة
خرجتُ من أعتابِ دمشق ..
وأنا متلكئ الخطوة
فارغاً
إلا من بعضِ حقيبة
منتحبِاً
وأنا أعِدُّ رحلاً وأمتعة
جميعاً
يحملون ثياباً ورغبة
وأنا
أحمِلُ عِقداً وبذور نبتة
ياسميناً
و رسائلَ ورقٍ وقصيدة
ميّتاً
لم تسع رُوحه في حقيبة
ملحاً
في قلبي المفجَع حملته
مثقَلاً
في حقيبتي وطن
...
وكتاباً
أعرفه حرفاً وكلمةْ
عابراً
وهبته كتابي ذكرى
ضالاً
لعله يقتفي أثره
و عِطْراً
سلبته مني صديقةْ
سِرّاً
وأبدلت به حليةْ
مسافراً
على ظهري وطنْ
...
لكن أين تُزرعُ النبتة!
وكيف للياسمينةِ أن تفوح
في أرضٍ بلا رُوح
ولِمَن تُقفّى القصيدة!
في غيابِ عين الحبيبةْ
وكيف لقلبي أن يُزهِرَ!
بعد أن صار مقبرةْ
وأنّى يموتُ فينا كل شيئٍ!
إلا الذاكرةْ
...
مهجّراً
على ظهري حقيبةْ
خرجتُ من أعتابِ دمشق
على متنِ روحٍ تقتاتُ أملاً
وقلبٍ قبل أن يتولى صبا
ومن لوعة الصبابةِ بكى
قبضتُ الحقيبة إلى صَدري
كأنها جميع حيلتي ، فيروزتي
كانت زرقاء
مثل السماء
في غرّةِ نيسان الربيعيِّ
وعندماتمكّن الوسن من هُزالي
هجعتُ إلى حقيبتي
رأيتُ في باحة الأموي
سرب الحمام يزرد رزقه
ثمّ
يعلو ويلقي عليه أرواقه
مثلَ عاشقٍ هائمٍ مولّه
وهناك كانت أيضاً ربابة
رأيتُها بيضاءَ الثغرِ مهللة
إلى
أن أخذ الحلْمُ مني مأخذه
وظننتُ أنني في دمشق
و طارَ الحمامُ فوق رأسي
ونمت بين أصابعي ورقة
خضراءَ يانعة كقلبي
أوقدتُ شعلة عيوني
فكانت يدا أمي
أفلتْ شمس حلُمي
فقبضت حقيبتي ثانيةً
و عدتُ إلى نارِ الغربة
كئيباً
هزيلاً
على ظهري حقيبة
...
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
مبدعة دائماً رقيّتي بالتوفيق ❤❤